الأحد، 1 يونيو 2008

توقيع أنا الليبي متصل النشيد للشاعر الليبي خالد درويش بالقاهرة...




ضمن فعاليات معرض القاهرة الدولي للكتاب وفي جملة توقيعات قام بها مجلس الثقافة العام بالاشتراك مع دار قباء المصرية وقع الشاعر الليبي خالد درويش كتابه ( أنا الليبي متصل النشيد) عن دار الحضارة العربية بالقاهرة وهو عبارة عن نشيد طويل يتغنى بحب الوطن ويتعرض لتاريخ ليبيا الطويل في صياغة وجدانية وحرقة شعرية واضحة ،، وقد طبعه الشاعر على نفقته الخاصة ،، اما ديوانه الصادر عن مجلس الثقافة العام فقد كان بعنوان ( انا من راود التحنان ياكوب) . ضمن فعاليات معرض القاهرة الدولي للكتاب وفي جملة توقيعات قام بها مجلس الثقافة العام بالاشتراك مع دار قباء المصرية وقع الشاعر الليبي خالد درويش كتابه ( أنا الليبي متصل النشيد) عن دار الحضارة العربية بالقاهرة وهو عبارة عن نشيد طويل يتغنى بحب الوطن ويتعرض لتاريخ ليبيا الطويل في صياغة وجدانية وحرقة شعرية واضحة ،، وقد طبعه الشاعر على نفقته الخاصة ،، اما ديوانه الصادر عن مجلس الثقافة العام فقد كان بعنوان ( انا من راود التحنان ياكوب) وهي قصائد كتبت في فترة سابقة تميزت بنبرته الغنائية ،، وقد شهد معرض القاهرة هذا العام مشاركة ليبية ملحوظة وحضور مكثف لأدباء أوفدتهم أمانة الثقافة للمشاركة والحضور . وقد شارك الروائي احمد ابراهيم الفقيه في ندوة عن نجيب محفوظ وكذلك الشاعرة أم العز الفارسي في ندوة عن المرأة في المجتمع المدني وأقيمت ندوة القصة الليبية شارك فيها محمد العمامي ومحمد المسلاتي وغيرهم وفي عكاظ الشعراء ازدان اليوم الختامي بمشاركة ليبية وافرة تمثلت في الشاعر ربيع شرير الذي قرأ من ديوانه ( الأسير سيد العالم ) الذي يصدر في القاهرة هذه الأيام والشاعر خالد درويش الذي قرأ من ديوانه ( بصيص حلق ) وقد نالت قصيدته تكذيب رسمي لأبي القاسم الشابي الكثير من الاستحسان والتعليق أما الشاعر المحكي سالم العالم فقد امتع الجمهور بقصائده مثل ياساكنة في الريح وغيرها.

تكذيب رسمي لأبي القاسم الشابي
وتكذب تكذب يامن تقول

إذا الشعب يوما أراد الحياة

فهذي القيود ولم تنكسر

وهذي الكراسي هي الباقيات

وليس لليل بأن ينجلي

وما من خلود سوى للطغاة

أمسية شعرية مشتركة بين الشاعرتين فاطمة بن فضيلة و الشاعرة ام الخير الباروني




بوح المطر التقاء شعري تونسي ليبي
أمسية شعرية مشتركة بين الشاعرتين فاطمة بن فضيلة و الشاعرة ام الخير الباروني
متابعة وتصوير :صابر الفيتوري
من تنظيم رابطة الصحفيين والإعلاميين بشعبية طرابلس أقيمت أمسية شعرية للشاعرتين "فاطمة بن فضيلة" من تونس والشاعرة الليبية" ام الخير الباروني" حضر الأمسية لفيف من الكتاب والأدباء والصحفيين والمهتمين بالشعر حيث باحتا بقصائد مطيرة من عذب القول في أجواء من الاحتفاء والإنصات لما جادت به القرائح من شعر التقي فيه نموذجين من الشعر النسوى ذي الخصوصية كونه يتعامل مع المفردة الرشيقة الجميلة التي تحمل هاجس المراة العربية وما يحيطها من تفاصيل ترتبط بأحلامها وأمانيها المتطلعة للجمال وبتعبير صادق دون مواربة وهذا ما كان حاضرا في الأشعار التي اختيرت لتلقي علي مسامع الحاضرين ..
قدم الشاعر "محمد الهريوت" الشاعرتين بمحاولة قراءة خصائص الاشتراك بين الشاعرتين التونسية التي تمثل تونس الخضراء و الالق الشعري التونسي والشاعرة الليبية التي يرسم اللون الأخضر النقي اهتماما شعري وحضورا في قصائدها وما يمثله اللون الأخضر من وشائج حب وجدانية عند جل الشعراء الليبيين ..
الشاعرة التونسية الضيفة " فاطمة بن فضيلة " التي لم تبتعد عن بلدها تونس لم تري أنها ابتعدت وشعرت أنها بين الشعراء الليبيين وكأنها بين أبناء قريتها فالشعراء لهم قرية واحدة حالمة يعيشونها معا كما قالت وهي من وصفتها الشاعرة التونسية " جميلة الماجري " بأنها تملك بذرة الشعر الأولي وهي اللغة حيث يصبح النص الشعري عن " فاطمة" لعبة لغوية مع الشغف لصياغة الصورة الشعرية دون تكلف واصفا إياها بالرسامة الماهرة التي تقتبس ألوانها من ألوان الطيف بريشة من خيط الغيم فتلمع النجوم علي ورق علي يديها مبرزة الخصوصية والجرأة في دنيا الكتابات النسوية فبوحها يفتح عوالم المراة السرية دون ابتذال ويكشف فيه حفر أنثوي لشاعرة متمكنة من أدواتها الفنية..
وافتتحت الأمسية بقصيدة كتبت في طرابلس وأهدتها لطرابلس عنونتها بالاسم القديم لطرابلس " أويا " تقول القصيدة :-
أويا
لملمي بخار الغيب
واكتمي الطريق علي الرقيب
لا تبعثري سحرك للعابرين
زمن البداية أنت
منذ انبلاج الفجر
أويا
ما الذي يرجو الغريب
إذا أتاك مسربلا بالمجد
أويا.. احذري مينائك الغربي
لا تدعي الرياح تشوش هذا السحر
لملمي مفاتنك ولا تامنى تزف البحار
ولا انحصار البحر..
وتتابعت في إلقاء قصائد من مجموعتها الشعرية التي صدرت العام الماضي " من ثقب الروح أفيض" وعمدت أن تشكل قصائدها بين القصائد المختزلة التي تضم صورا مكثفة والقصائد الانفعالية التي تحمل موقفا كقصيدتها عن المربد ..من النصوص
نص بعنوان بين يوسف وسليمان
أمر النحل ان شيد لها قصرا من شهد
وأن املأ انهار القصر :
النهر الأول عسلا ابيض
النهر الثاني عسلا ذهبيا
والثالث بالعسل الأسود
وأمر النمل
ان احمل خيرات الأرض لها
تمر البصرة , عنب الشام ,حرير الهند
يواقيت بلاد الصين ,فواكه افعانستان
متاحف مصر وفراء من قطب الأرض المهجور
وأمر الهدهد ان حلق فوق سماوات القصر
واملأ باحته رقصا و غناء وافرك قدميها بماء الزهر
تم قدم الشاعر " محمد الهريوت" الشاعرة " ام الخير الباروني" التي ألقت علي الأسماع عدد من القصائد الرقيقة الصادحة بالرومانسية والإجلال الشعري وهي الشاعر التي قال عنها الشاعر الكبير المرحوم" لطفي عبد الطيف " واصفا ملمحا في شعريتها متسائلا عن هذا الحاد الفائق العذوبة التي تنسابين معه شبحا لأمنية وهذه الأحلام الفارة من عيون أصحابها مذعورة لتختفي عندك مازجا بين وظيفتها الحياتية العلمية وكونها شاعرة فكتب يقول أنت الكيمياء التي ستكشفين يوما انه لأفرق ذا حجم بين كيمياء الدواء وكيمياء الكلام وكأنه يصف كتابتها بالتحضير الدقيق الحريص داخل مختبر اللغة والصورة والإبداع ..
حيث بدأتها بقصيدة بعنوان تساؤلات
تقول فيه :-
أتساءل عن لون العتمة
عن لون الأمل المتعلق
بأذيال الظلمة
عن لون العشب النامي
بعد أن تهطل سحب الأوهام
ولون الأفق المترامي
بعد أن تشرق شمس الأحلام
عن لون ضفاف ذاكرتي
ومرافئ شطان النسيان
****
هذا المساء
والمطر ثرثار عجوز
يهمهم في خفوت
يملؤني اشتهاء
لان نكون معا
وأنت..
بعيد ..
بعيد كالغد
قريب كهمس الذكريات
وأنا لحظة احتضار قلقة
قطرة .. قطرة
وأضافت باقة مختارة من قصائدها التي جمعتها في مجموعتها الشعرية الجديدة" لحاف الضوء " التي صدرت حديثا من منشورات مجلة المؤتمر وهي نصوص قصيرة بنفس شعري يقتنص اللحظة بإتقان منها ( ارتباك ) (خوف) ولحاف الضوء ..
خوف
البارحة
بعدما غادر تني
وعلي غير عادتي
لم اقرب الماء
لم اشرب
خفت
خفت أن انطفئ
بعد ذلك توقفت الأمسية لاستراحة قصيرة ولتناول المرطبات عاد بعدها التقاء الشعر بحالة الاستماع فألقت الشاعرة التونسية وأعقبتها الشاعرة الليبية بنصوص قصيرة ..
قبيل الختام فتح المجال لتداخل الحاضرين فتحدث الكاتب "حسن الفيتوري" مقدما بعض الملاحظات النقدية حول بوح الشاعرتين فعبر انه لامس نضجا في اللغة في نص أويا الحديث للشاعر "فاطمة بن فضيلة "واحتوي النص علي استعداد لقول الصورة الشعرية اما في نص المربد فكان هناك وجع طغي علي الاشتغال علي النص من ناحية فنية وفيه لغة مباشرة وهي لغة لم ترتقي الى نص أويا اما نص (بين يوسف سليمان ) فشد انتباهي القدرة علي استحضار الأسطورة سائلا عن إمكانية النص " السليماني " إن جاز التعبير ومدي توظيفه شعريا ؟
وعن الشاعر ام الخير الباروني تحدث قائلا انها تملك جمل سردية ممتعة واستحضر بدايات الشاعرة عندما كانت تكتب القصة وتميزها في كتابة القصة ولماذا لم تواصل كتابة القصة فأنها ان واصلت كتابة القصة ستحقق شيئا مهما وكنت منذ ذلك الوقت قبل عشر سنوات اعتقد ان لها مستقبلا في السرد ..
وكان "حسن الفيتوري " هو المتداخل الوحيد وفتح المجال للشاعرتين للرد والإجابة علي التساؤلات المساقة فقالت الشاعرة فاطمة بن فضيلة الجميل الا تمر الأمسيات هكذا شعرا فقط فالتناول النقدي يفتح براحات أمام الشاعر وأوافق علي ان قصيدة المربد فيها بعض الشيء مباشرة لكن موضوع القصيدة لا يمكن الا وان يكون كذلك وأنا تعمدت ان أقراها لأقدم نماذج مختلفة من إبداعي في جملة من تجريبا ته ..
وفي إجابة عن حضور القصة في تناول ام الخير الباروني الإبداعي اعتبرت انها تحب الشعر وتحب ان تكون شاعرة وتثيرها رغبة التقمص او التوحد التي يستفرد بها الشعر وهي عملية تواصل من الذات والي الذات ..


أفق من لازورد للكاتبة الليبية ليلى النيهوم




قراءة / خالد درويش

الطفلة التي تتشبت بقدمي ابيها كي ينقذ لعبتها ،، هذا الب الذي أحبته كثيرا ولطالما تذكرته وهو يرفعها إلى وجهه " وكان حينها يجذبني بيديه الدبيتين الكبيرتين ، عازفا على خصري وكانه بيانو ، ثم يطويني "
في هذه القصة التي تختارها الكاتبة والمترجمة الليبية ليلى النيهوم في اول ما يصادفك من الكتاب تحت عنوان " ابي والقطار " وهي قصة للكاتبة النيوزيلاندية دونا لي والتي تعمل في اوكلاند وتنشر في العديد من المجلات النيوزيلاندية مثل الاستراليان جورنال والنيوزيلاند بيليكايشن ،، حيث تختلط الذكريات في رأسها فتقدم صورة لأبيها الحنون الهادئ الذي يلعب معها لعبة التهجي للكلمات أثناء سفرهم بالقطار لغرض تزجية الوقت حيث يذكر الأب الرحف الول من كلمة ما لتعدد الطفلة كلمات ذات معان مختلفة تبدأ بذات الحرف إلى ان تصل في النهاية إلى الكلمة المراد وهي طريقة يتخذها الأب لتعليم ابنته من طرف خفي اما حين تعجز الصغيرة فيضع الوالد الحل أمامها وهي تقول : أجل اجل وتبتسم حتى تكاد تقلق وعندما تجيب الطفلة عن الكلمة المطلوبة يضمها الأب أكثر ويقول لها اجلسي ، وأغمضي عينيك .. هاهي جائزتك ــ قبلة من ملاكك .
ثم يأتي دور الطفلة في هذه اللعبة بانتقاء كلمة تبدأ بحرف نعين ليبحث عنها الأب في ذاكرته وهكذا .
وعبر سرد جملة من الذكريات نكتشف انها أوقعت لهبتها " الدمية دليلة" تحت القضبان لتستنجد بالأب كي ينقذها لها ( بابا ، دليلة وقعت ،، بابا أنقذها ) وتتداخل القصة حيث يتبين أن القطار هو من قتل اباها تحت قضبانه " رغم ان هذا حدث منذ عشرين سنة مضت ، كان ابي رجلا لطيفا وصيره الموت أكثر لطفا " ، في عذوبة تنقلنا الكاتبة إلى هذه الازدواجية في الصور المركبة والمتداخلة بين القطار وسقوط الدمية وموت الأب !
وكذلك تنجح المترجمة في نقل كل هذه الصورفي سلاسة ويسر لدى القارئ .
ولعل الربط بين الإهداء في بداية الكتاب والقصة الأولى لـ " دونا لي " ما يبرره خصوصا إذا عرفنا أن المترجمة تهدي كتابها الأوللا لإبلا أبيها الذي لولاه ما كانت شغوفة باللغات كما كتبت .
الكتاب صدر عن منشورات مجلة المؤتمر ويحتوي على سبع قصص قصيرة مترجمة هي ( أبي والقطار ـ المصعد ـ خيارات ام ـ وردة توالي العمر ـ القبطان سيمورسي ـ البيت الصيفي و أفريقيا في الأفق لكارلوس غارديني .
أفريقيا في الأفق

( شعر أرغوز بجذب في ذراعيه. سمع صوت تمزق، ولمح القصبات تتكسر. كان يهوي مباشرة نحو الجرف، كأنما يهوي من ارتفاع آلاف الأمتار. أغمض عينيه، لكنه ظل يرى إفريقيا .. إفريقيا .. ضحك بسعادة .. سيسقط في البحر، وفي الماء حيث سيملأ دم دانييل الطافي رئتيه، ولسوف يتماوج دمهما ورماد دانييلا بجذل فوق الأمواج التي تتلاحق على شواطىء
إفريقيا الرملية البيضاء ..) 57 ص
حلم أفريقي مصنّع داخل مخيلة " أراغوز" صانع الأحلام المنعزل بعد فقدانه لزوجته والتي احبها كثيرا ، ليعيش وحيدا مع ابنه " دانييل "
اراغوز شخص ماهر في إعادة تركيب الأشياء التالفة كالأجهزة الكهربائية وغيرها وبهذا سيكون مصدر رزقه مما يصلحه لجيرانه ومعارفه بمعرفته لهذه الأشياء ، يتوصل اراغوز إلى صناعة طائرة ورقية لتحول إلى حلم ورمز يهتم له ويؤرقه ،، هذا الحم الذي يرثه عنه الصغير الذي ملأه بحب افريقيا والشوق لها .
" دانييل " في غفلة من والده يخرج طائرة الورق من المرآب ويحاول الطيران بها .. لتتفلت من رباطها فيسقط مهشما على الصخور .
( رمى الصور في البحر .. بفعله هذا حاول أن يمسح من ذاكرته تلك العبارات البلهاء عن رشاقة الطيور وتجاوز الطبيعة .. ولكن حتى آنذاك ، لم يستطع إرغام نفسه على رمي الطائرة ، الطائرة كانت المذبح حيث يبجل ذكرى دانييل .ز حيث يصلى كل يوم لأجله ويسأله الصفح ) 51 ص
فيقع الوالد في صدمة كبرى الذي يظل يؤنب نفسه ويحملها هذا الجرم باعتباره هم من زرع هذه الأحلام في مخيلة طفل صغير .
ولد كارلوس غارديني ويعيش في بوينس ايريس ـ الأرجنتين تحصل على جائزة المسابقة الوطنية في القصة القصيرة وعضو في برنامج الكتابة الدولي ــ جامعة ايوا امريكا . هذه القصة التي تترجمها المترجمة الليبية ليلى النيهوم إلى العربية بتقنية شديدة واسلوب رفيع وهي من اجمل قصص المجموعة .

عبر زاويتها الصحفية قدمت لنا المترجمة العديد من كتاب العالم اللذين يكتبون بالانجليزية وهي في افقها هذا تنضحنا بمجموعة أخرى حول العالم من الأرجنتين ونيوزيلاندا واسبانيا وسان فرانسيسكو والهند ونيواولينز وغيره .

لقاء مع الشاعرة والباحثة القانونية غادة العبار


لا شيء يقف أمام طموحاتي وأحلامي ليس لها نهاية
والنقد لا يصنع شاعرة ولا ينهي من تجربتها أيضاً

حوار محمد الرميح

المـرأة الليبية بصورة عامة هـي امتداد لشاعرات ملأن الدنيا بأشعارهم شـاركن وزاحمن الرجال في هذا المعترك الأدبي الشعري ومـن بين الأسمـاء الشعرية الشابة الذين وضـعوا ببصماتهم وكتباتهم الشعرية في هذا العالم الساحر فعندما نتكلم عن الشعر والشعراء فسيفرض أسمها من بين هؤلاء الشعراء الشباب التي نتشرف بما يخطه أقلامهم مـن مشاعر وأحاسيس تعبر عن مكامن أحاسيسنا ومشاعرنا ضيفتنا اليوم الشاعرة غادة العبار التي تسـري حروفها في نبض العروق وصاحبة الحس المرهف والعواطف الجياشة التي تنتقل مـن حنايا قلبها ولا نملك أن نقول سر تألقها في سلاسة أسلوبها والموسيقي العذبة التي تتراقص بين كلماتها والتي حضينا ليكون معها هذا الحوار
من هي غادة العبار؟
غادة العبار مواليد 1964 شعبية من عائلة متواضعة بسيطة اجتماعية أحب إسعاد كل من حولي حتى لو كان علي حساب نفسي أحـب التعرف علي الآخرين ومشاركتهم والتعبير عن أحاسيسهم أشتغل حالياً كباحة قانونية بجامعة قاريونس إنسانة تطمح بأن تحقق أهدافها وتسعي جاهدة لخدمة هذا الوطن التي تشرفت بان تكون منه
كيف بدأت علاقتكِ بالقلم و الشعر على وجه الخصوص ؟
عشقت القلم و الورقة منذ تعرفت عليهما و نشأت بيني و بينهما صداقة من نوع خاص بدأت في طفولتي في صياغة الجمل القصيرة وكان هذا في المرحلة الإعدادية ومع مرور الوقت زاد الاهتمام بهذه الموهبة والحمد الله شاركت في العديد من المهرجانات التي تقام في المدينة وتحصلت علي ترتيب متقدمه وهذا راجع من الدعم الذي تلقيته من عائلتي التي كانت مقتنعة بما أكتبه ومتفائلين بي بان أكون في المستقبل شاعرة
نجاح الإنسان يعتمد إلى حد كبير على علاقة الحب التي تنشأ بينه وبين أدوات عمله فكيف تصفين علاقتك بالقلم ؟
علاقتي بالقلم فالقلم هو المتحدث الرسمي عن ما أحس به و أراه في المحيط الخارجي فمن خلالها أعبر عن ماأحس فحبي لها هو الرابط الحقيقي لهذه العلاقة الذي أحاول أن أصل بكلمات لقلوب الناس حتى أتمكن من التعبير عن أحاسيسهم ومشاعرهم
من الشخصيات المؤثرة في حياة الشاعرة غادة العبار سواءً في كتابة الشعر ؟ بصراحة في مجال كتابة الشعر لم أتأثر بأحد من الشعراء ولكن أحببت القراءة للكثير من الشعراء الذين يعجبونني كتباتهم الشعرية من ضمنهم المرحوم الشاعر عبدالله عبدالمحسن والشاعر حسن السوسي والشاعرة وجدات شكري وكذلك الشاعر المتميز نزار
لكل كاتب أسلوب خاص و أجواء يفضل الكتابة فيها أو حالة معينة تدفعه للإبداع فهل يخلق الشاعر هذه الأجواء أم يترقب تهيؤها له ليعايش اللحظة بلحظة بصدق أكبر ؟
الشاعر إن لم تهاجمه الرغبة في الكتابة فلن يستطيع بأن يحرر حرفاً و الأجواء الكتابية تفرض نفسها عليه عندما تتملكه الرغبة في التعبير أما عني شخصياً فلا يوجد وقت محدد للكتابة الشعر بكل تكون الكتابة في الوقت الذي يستوجب عليا مسك القلم والتعبير عما يجول في خاطري وأظن أي شاعر يوافقني الرأي .
هل تعتقدين ارتباط الشاعر بوظيفة صحفية أو مواعيد محددة لتسليم قصائده يتسبب بنوع من الضغط و يجعله في بعض الأحيان يقدم أعمال و هو غير راضٍ عنها ؟
الشاعر طبيعته لا يحب التقيد أو الروتين لكن إذا كان مرتبط بوظيفة صحفية أو مـواعيد محددة لتسليم قصائده في موعد معين فهذا سيؤثر على جودة إنتاجه الشعري أو ربما العكس و هذا الأمر أعتقد أنه يرجع إلى موهبة الشاعر و أظن من ينظر إلى الشعر كمهنة فقط فلن يكون إنتاجه بجودة من يكتب الشعر للشعر
هل تعتقدين ضرورة النشر للشاعر هل من الضرورات الاعتراف به كشاعر؟
لا أظن هذا فالكثير من الشعراء لا يهتمون بالنشر بل تكون كتباتهم محفوظة في الذاكرة وربما في ذاكرة العديد من يستمعون إليهم ولكن في وقتنا الحالي النشر وسيلة من وسائل التعرف علي الشاعر فهي الطريقة لوصول كتباته للقاري والحكم عليها بأنه يستحق أن يطلق عليه كلمة شاعر أو ينسحب من هذا المجال
هناك شكوى من المواهب الشعرية الشابة تتذمر من تهميش دور الصغار و الاهتمام بالأقلام المعروفة فقط فهل عانيتِ من هذه المشكلة ؟
المشكلة التي تواجه الأقلام الشعرية الشابة من تهميش نابعة عن عدم الإيمان بجيل الشباب فالجيل السابق من الشعراء ينظر بعدم الثقة لقدرات جيل الشباب لأنه ينظر إليه على أنه جيل متسرع ويريد الحصول على كل شيء بسرعة.الواجب على جيل الشباب إثبات نفسه ففي نظري في بعض أبناء هذا الجيل من يملكون الأفكار الجديدة المفيدة التي قد تساهم من تطوير مجال الشعر وأتمنى من الجيل السابق أن يدعم الشباب و يمنحهم الفرصة للتعبير عن قدراتهم فالشباب سيكونون الامتداد لهم أما بالنسبة لي فأنا كنت محظوظة لأنني و لله الحمد و جدت الدعم و لم تواجهني أي صعوبات
ما تعريف الكتاب بالنسبة لكِ ؟ و لمن تقرأين في الوقت الحالي ؟
الكتاب بالنسبة لي عالم يعطي و لا يأخذ و مضمون الكتاب إن كان جيداً يفيد كثيراً بتنمية القدرة على التفكير و التعمق بأمور كثيرة في الحياة وللأسف لا يوجد كتاب محدد أفضل قراءته لأنني أحب القراءة والمطالعة لكل ما هو ومفيد يزود بالمعلومات
هل من نصيحة توجهينها للشباب الذين يخطون خطواتهم الأولى في مجال كتابة الشعر ؟
أنا لم أصل بعد لدرجة توجيه النصائح فأنا نفسي لا أزال أخطو خطواتي الأولى في مجال كتابة الشعر ولكن أود أن أوجه كلمة للجيل الشاب بأن يواصلوا الاستمرار إذا كان لديهم الإيمان في رسالتهم وأنصح كل الشعراء بتقبل النقد الموجة لهم لأنه لا يصنع شاعراً ولا ينهي تجربة أيضاَ والله ولي التوفيق
ما خطواتك القادمة ؟
بصراحة لي العديد من القصائد التـي تكون بمثابة ديـوان شعري وأطمح أن يصدر لـي ديوان خاص بي يضم هذه القصائد وأن نشاء الله سأسعى جاهدة ليخرج هذا الديوان للنور وحيز الوجود
انتهت المقابلة ولم ينتهي من أفكارنا بالفعل كلامك كنا أذان صاغية نسمع همساتك بعناية وشربنا من فرات كلماتك فقبل أن نودعكِ بماذا تختمين لنا هذا اللقاء ؟
أحيكم وأحي فيكم روح الشباب التي كنا نفتقدها والحمد الله الآن ها نحن أصبحنا في واقع ملموس وأتمنى لكم علي غرار هذا الوليد الصحفي النجاح والتوفيق وأشكركم علي السعي الدءوب في أبراز المواهب وإبداعات الشباب وان شاء الله كنت ضيفة خفيفة الظل علي قراء الصفحة الفنية

الشاعر خالد درويش


باولو كويليو: كلمة "لا" كم هي مهمة!




ترجمة عبداللطيف السعدون:


يقول أم. هالتر: "ان هتلر قد خسر الحرب في ميدان القتال، ولكنه خرج منتصرا في ميادين أخرى، فبفضله أوجد رجال القرن العشرين معسكرات الأعتقال، وتفننوا في التعذيب، وعلموا أتباعهم أن بامكان المرء أن يغلق عينيه أمام المحن التي يتعرض لها الآخرون!" ربما كان هالتر على حق، ففي هذا العالم ثمة أطفال مشردون، ومدنيون مذبوحون، وأناس أبرياء يقبعون في السجون، وشيوخ وعجائز متوحدون، ومدمنون في أزقة عفنة، ومجانين يقبضون على السلطة! ومن الناحية الأخرى ربما كان هالتر على خطأ، فقد ولد "فرسان النور" الذين لن يقبلوا ما لا يمكن القبول به.
الكلمات الاكثر أهمية في أية لغة هي الكلمات القصيرة مثل كلمة (نعم) وكلمة (حب) وكلمة (الله)، وهي كلمات ليس سهلا نطقها فحسب، انما لها القدرة على ملء الأماكن الخالية في عالمنا، وهناك كلمة واحدة في كل اللغات، قصيرة هي أيضا، لكننا نعاني صعوبة في نطقها هي كلمة (لا)، وقد نرى أنفسنا مسامحين ومهذبين ومدركين حين نعتبر كلمة (لا) كلمة ملعونة ومفعمة بالأنانية، وننظر اليها على أنها ليست كلمة مقدسة بأية حال، لذلك نبدو حذرين من استخدامها، وهناك لحظات عندما نقول فيها للآخرين: نعم، فاننا في الحقيقة نقول لأنفسنا (لا)! ولكن كل الرجال النبلاء والنساء النبيلات في العالم بدلا من أن يقولوا (نعم)، فانهم يقولون (لا) كبيرة لكل ما هو غير متفق مع مفهومهم في العطاء والتطور.
"فرسان النور" يعرف أحدهم الآخر عبر النظر المجرد، وهم موجودون في العالم، ويشكلون جزءا منه، وقد أرسلوا اليه حفاة ومن غير مؤن تعينهم، وهم في غالبيتهم جبناء ولا يتعاملون دائما كما ينبغي، تسحقهم الاشياء التافهة وتقلقهم الأمور الصغيرة، ويشعرون بعدم قدرتهم على التواصل، وفي بعض الأحايين بأنهم غير مؤهلين لأية بركة أو معجزة. و"فرسان النور" يسألون بشكل دائم عما عليهم ان يفعلوه، وفي مرات كثيرة يخامرهم شعور بأن ليس لحياتهم اي معنى، وهذا هو سبب كونهم (فرسان نور)، لانهم ارتكبوا خطايا، لانهم سألوا، لانهم واصلوا البحث عن معنى لوجودهم، وقبل ذلك كله لأنهم ليست لديهم الشجاعة لكي يقولوا كلمة (لا) عندما يواجهون أحيانا اشياء لا يمكن القبول بها! نحن غالبا ما ننظر الى أنفسنا على أننا قليلوالأحتمال، لكن من المهم أن نشن الهجمات، وأن نقاتل في كل الظروف اذا ما رأينا ظلما أو ممارسات وحشية. لقد أقام هتلر نموذجا صار ممكنا تكراره لان الناس غير قادرين على ممارسة الاحتجاج، وتعزيز الكفاح ضد الظلم وتقويته.. دعونا نتذكر كلمات (جون بونيان) John Bunya مؤلف الكتاب الكلاسيكي "رحلة الحج": "رغم كل ما أعانيه أنا غير آسف على المشكلات التي واجهتها، ذلك لأنها هي التي حملتني الى المكان الذي كنت أريد الوصول اليه، والآن وأنا أقترب من الموت فان كل ما أملكه هو هذا السيف، ولسوف أسلمه الى كل من يرغب ان يواصل رحلة الحياة.. انني أحمل معي كل علامات وندوب المعارك التي خضتها وهي شواهد على كل ما عشته، وهي مكافأة عن كل ما غنمته، انها تلك العلامات والندوب الباقية التي ستفتح أمامي أبواب السماء. كان هناك ثمة وقت كنت أنصت فيه دوما الى قصص الشجاعة، كان هناك ثمة وقت عندما كنت أعيش فقط لأنني كنت محتاجا لأن أعيش، ولكني الآن أعيش لأنني محارب، ولأنني في يوم من الأيام كنت أرغب ان أكون في صحبة من باسمه كنت أقاتل بثبات." هكذا تبدو الندوب شيئا محتما عندما نقاتل الشر المطلق، أو عندما يجب علينا أن نقول (لا) لكل أولئك الذين يحاولون، و في بعض الأوقات يحاولون بحسن نية،اعاقة رحلتنا نحو الحلم!

قراءة في نصوص القاص الليبي " عمر أبو القاسم الككلي "





بقلم : محمد الأصفر - ليبيا
منذ أنْ تعرفت على عالم القصة وركـّـزت على قراءة القصص القصيرة والاستمتاع بها بطريقتي شدّتني قصص الكاتب الأرجنتيني الكبير بورخيس .. هذا الإنسان الذي قرأ حتى أصابه العمى .. وحتى بعد أنْ فقد بصره ظل يقرأ عبر عيون رفيقته وأصدقائه وعبر عيون الحياة الكامنة في المخيلة واصل القراءة وهو أعمى أيضاً بواسطة الصمت .. الجميل في بورخيس أنَّ معظم قصصه كانت عن المعرفة .. عن الاكتشاف .. عن الطفل الذي تكوّن وولد ووجد نفسه ملطخاً بالحبر الأحمر المـر المؤلم فصار يحبو على التراب يخضّره ويذهبّه ويضيئه.. يكتب بورخيس كما الطفل في رحلة حياته التي وإن سارت بصورة طبيعية توصله إلى الشيخوخة والموت في سلام .. فنصوصه رحلة عبر الحياة تكتشف الذات وما يحيطها .. يكتشف الأحلام بدرجاتها وأنواعها كلها .. كان بورخيس يسّود الورق خاطاً طريقاً مشتعلاً .. هذا الطريق ليس مستقيماً لكنه متعرجاً وهذه التعرجات هي التي منحتنا متاهة نراها واضحة في قصائده وقصصه .. والنص المتهاوي هو النص الذي يحترم القارئ ويسلمه قبساً ليحفزه على مواصلة البحث والخروج من هذا اللغز .. الطفل يخرج من الحياة عن طريق الموت .. والنص يخرج من الحياة عن طريق اللا فن .. لذلك نجد أنَّ الفن شيء مؤلم كالنار أو كالجمر أو كما يقول السلفيون كالإيمان .. أقصد القابض على الإيمان كالقابض على الجمر .
معظم نصوص بورخيس لها علاقة بالكتب .. وفي الوقت نفسه قصصه ليست طويلة كلمات .. لكنها طويلة رؤية ..تقرأ له فتتورط .. تصير مُقلِّباً للذي قرأته على الجوانب جميعها لتجعل المقروء ينضج.. لكنه لا ينضج ليس لأنه نيء .. أو متحشرف وشارف .. لكن لأنَّ حطب نارك قد بلله دمع الفن .. في الوقت نفسه قصص بورخيس ـ كما يقول بعض النقاد ـ لا تمنح نفسها بسهولة واعتقد أنَّ قصصه لم يكتبها للمنح لكن للأخذ .. والقصص التي تجعلك تأخذها تعيش طويلاً .. فالقارئ الآخذ غير القارئ المستأذن .. الآخذ صاحب حب ويقين والمستأذن مهتز متردد قد لا يقبض على شيء خاصة في زمن السرعة هذا والقادم .. القصص المأخوذة تعيش طويلاً لأنها تجوع في كل يوم تتغذّي على نور المخيلات .. تبحث عن هذا النور في مخلوقات الحياة .. فمثلما نقرأ نحن القصص فالقصص أيضاً تقرأنا .. إن لم نكن قراءً جديرين بها فلن نعثر على القصص الجيدة .. فالقارئ الجيد مخلوق إبداعي .. والقصة الجيدة مخلوق إبداعي .. القارئ الجيد أبدعته الحياة والرؤية والكتب التي قرأها والموهبة الكامنة في روحه .. ومرّ بمخاضات كثيرة مؤلمة حتى أمتلك الذوق والإحساس والتفاعل وكل شيء متعلق بكيمياء القراءة وأيضاً لم تستدرجه قراءته الجيدة لأن يكتب .. فهو يرى ما قرأه ويعرف نفسه هل سيكتب في مستوى ما قرأ أم أنه سيخجل .. القارئ الجيد ركل الاستسهال إلى القمامة ومضي يقرأ .
إنْ لم نكن قراء جيدين لن نعثر على القصص الجيدة .. ستختفي القصص الرائعة من أمامنا .. بل أمامنا سيختفي حتى لا نسير فيه لنصطدم بجمال لا نقدره ونحترمه .. القصص الجميلة ستشم رائحة الرداءة فتبتعد إلى حيث تجد من يعشقها .. الكثير قرأوا قصصاً جميلة لكنها تركتهم ولم تترك عبقها فيهم .. لقد وجدت حطبهم عطناً فقاومت أنْ تشتعل فيهم .. قالت لحطبهم أنا قصة سيئة أتركوني الله يرحم بيّكم أغادر .. نفخت على لهب غروره وفلتت .
سيظل بورخيس كاتباً متميزاً وأمثولة قد لا تجود الحياة بمثلها فنصوصه التقط قيمتها من أمهات الكتب .. قرأ الجميع وألمَّ بالجميع .. قرأ العرب والصين والأوربيين والأمريكان وأجناس الكون كلها .. قرأ الجماد أيضاً ثم قرأ نفسه وهي تضطرم هو من الكتّاب القُـرَّاء وهؤلاء الكتاب الآن قليلون يعدّون على الأصابع البشرية نذكر منهم مثلاً ميلان كونديرا وأمبرتو أيكو وخوسيه ساراماجو والذي هو أيضاً أعماه الحرف .
بورخيس خلط نفسه في قراءته ثم عصرها لتقطر لنا ما قرأنا له من قصص.. وأجزم أنَّ قصص بورخيس التي قرأناها مترجمة إلى العربية في لغتها الأصلية قطعاً نفسية من الإبداع .. وذلك لِمَا يرتكبه المترجمون الحمقى من كوارث تجعل الإبداع يندب حظه ويبكي .
لم يكتب بورخيس رواية لكن ما أراده ابدعه في قصائده وقصصه القصيرة وسيرته العمياء .. فهو قرأ الكم وأبدع الكيف .. لكن هذا الكيف القليل هو كم هائل من الجنون .. هو إبداع مركز .. ينهل منه الكتاب اللاحقون ويذيبون قطرات منه في ماء حبرهم فيبدعون منطلقين من أرضية خصبة تمنحهم نصف نجاح النص على أقل بسهولة .
سنجد بورخيس مبتسماً وراضياً الآن يمرح ويتقلب في معظم النصوص المتداولة في الساحة الثقافية الليبية والعربية والعالمية .. نجده في الشعر والقصة والنقد والسيرة الذاتية .. نجده حتى في لوحات التشكيليين الخائضين في السرد على حساب الجماليات البصرية .. من الصعب أن يتخلص قارئ بورخيس من البورخيسية .. أقصد بالقارئ الجيد للأدب .. فبورخيس سطوة وسرطان أدبي من المعجزات أن يتم التخلص منه .. مهما غسل قارئ بورخيس حروفه في الماء وقطّر حبره في مقطرة البخار فسيظل بورخيس الأعمى وسيظل عبقه الذي لن تخطى المشام دروب وأصابعه وعكازه .. وبالرغم من أنَّ بورخيس قد ترك كافكا بعيداً .. أبتعد عنه بعدد صفحات الكتب التي هضمها .. ابتعد عنه ودفع الثمن .. نور عينيه .. لم يعد يرى النساء الجميلات والطبيعة الحيّة .. هذه القراءة التي جعلته كاتباً موسوعياً دفع ثمنها راضياً .. عاشقاً كالفراشات التي تسفح نفسها على النور الساخن .. فقد بورخيس بصره فتحول من رائياً إلى متلمساً .. ومن وجهة نظري أنَّ المتلمس أفضل من الرائي .. لأنّ اليد أقرب من العين .
الوقت الآن الصباح الباكر .. الخامسة صباحاً .. الجو بارد ،، استحممت بالماء البارد لأن السخانة عاطلة وجلست أكتب السطور السابقة .. لم أُعد القهوة ولم أشعل سيجارة خيالية .. الحمّام البارد جعلني معتدل المزاج .. ومنحني رغبة شديدة في الكتابة .. وأنا أكتب عن بورخيس لاحت مني نظرة إلى كوم الكتب فرأيت كتاب القاص الجميل "عمر بالقاسم الككلي".. المعنون بمنابت الحنظل والشيء الذي ينأى.. قلت لا بأس حنظل على الصباح ليس هناك مشكلة .. سنكتب بحبر الحنظل .. منذ أنْ بدأت الكتابة كنت حريصاً على قراءة قصص الككلي .. كان نجماً في الإعلام المحلي .. قصصه تنشرها وتحتفي بها كافة المطبوعات الليبية وكل الذين يتعاطون النقد في بلادنا يكتبون عنه خاصة أصحاب النزعات اليسارية وبدأت أقرأه وأحلل قصصه في وجداني أو في مخيلتي محاولاً أن أجد شيئاً لم أجده في قصص الآخرين ليبيين وعرب .. كل الذين كتبوا يحكون عن اللغة التكثيف الزوائد .. سلامة اللغة العربية .. قصصه مثل القصيدة .. القصة الشعرية .. وبالرغم من ذلك لم أتوقف .. وبالرغم من ذلك لم أتوقف عن قراءته .. واصلت قراءته .. قرأت له نصين جميلين بعنوان أبي .. أمي .. يحكي فيهما عن والديه وعلاقتهما بسجنه.. نصان حزينان .. رائعان .. قرأت له قصصا أخرى كلها منطلقة من أيدلوجية اشتراكية .. تريد أن تقّسم الخير والشر والراحة الألم على الجميع .. قرأت له الكثير من القصص الجميلة .. لكنها كلها لم أتوقف عندها .. قرأتها وتمتعت بها وذهبت في حالي وذهبت في حالها .. لم تكن نصوص الككلي تخُصـه وحده ففي نصّه نجد آخرين .. خاصة بورخيس .. فقصة بورخيس التي بها رجل جالس في الحديقة يعود به الزمن إلى الوراء أو يذهب إليه في الأمام .. الجالس على الكرسي هو نفسه القديم والحديث المشاعر لا تتغير بسبب المكان او الزمن قصة بها حفر عميق وجرح غائر ينفث الحياة .. الآخر في قصة بورخيس هو الآخر نفسه الذي نجده في شخصية الطفل في قصة الككلي تكيفاً التي بها دراجة قديمة وجديدة .. هناك قصص كثيرة للكلي تتقاطع مع بورخيس وتعود إليه سريعا فتصاحبها في رحلتها ولا تكاد تفارقها إلا في بقع مبعثرة هنا وهناك .. لكن دائماً المبدع يعاني ويتألم ويلعب ليصل إلى شيء وليلفلت من قبضة الماضي بأزمانه الثلاثة .. ففي الماضي أيضا حاضر ومستقبل وماضي قديم .. ها هو الككلي أراه قد راوغ بورخيس وهرب منه مختفياً في عالم ككلي خاص صعب على روائح بورخيس أنّ تتلمسه .. عالم أبدعه بنفسه وصنعه بطوب تجلياته وماء تأمله الطويل .. ذاب في عالمه الجديد جيداً ثمَّ عاد إلى الساحة ليكتب قصته التي اعتبرها قصة عالمية وهي قصة ( غوث ) وأقول أنَّ عمر الككلي قاص مدهش وكل قصصه من السهل والممكن تقليدها أو إنتاجها من قبل كتاب آخرين .. لكن هناك قصة غوث فهي من الصعب أنْ يتم كتابتها مجدداً ولو من الكاتب نفسه .. وبالرغم من أَّن هذه القصة بورخيسية في الشكل والمضمون فهي تتحدث عن المعرفة وميراثها وانتقالها من الماضي إلى الحاضر إلى المستقبل إلاّ أنَّ الككلي قد صنع شيئاً جديداً في هذا الزمن .. ففي هذه القصة قال لنا أنه يستطيع أنْ يعود بالمستقبل والحاضر ويقدمه طبقاً عرفانياً وفياً لذاك الماضي الذي نظن أنه رحل .. الككلي تغذى على نصوص ماضية وقدّم لها حياته ليجّرها إلى هنا أو إلى الآن عبر تفكيكها وترجمتها إلى لغة الحاضر .. نصوص جميلة مجهولة منحها حياة جديدة واقتص لنفسه قليلاً من هذه الحياة ليعيش به الآن في زمنه الميت .
قصة ( غوث ) بسيطة من القصص التي يطلق عليها مصطلح مباشرة وتقريرية .. يكتبها أي كاتب ولو مبتدئ .. جمل عادية .. صور عادية .. حبكة عادية .. تحكي القصة عن كاتب مرتبة يتأخر .. وغير متصالح مع خطاب الدولة كي تغدق عليه بخيرها .. ماذا يفعل ؟ .
لم يخرج من فن القصة .. ذهب إلى قصص زملائه الكتاب في اللغات الأخرى .. انتقى منها ما أعجبه وواكب ذائقته ومزاجه .. ترجم هذه القصص بحب ونشرها في جرائد ومجلات تدفع مقابل مادي مكنه أن يعيش بكرامة .. كتب القصة وهو يتهكم خائفاً من توجيه تهمة التعامل مع دول أجنبية .. فقال أنه تعامل مع بلدان وليس دولاً.. فكرة القصة رائعة .. كُتاب يطعمون بنصوصهم كتاباً آخرين لا يعرفونهم مباشرة .. نصوص تتبادل المصالح .. الكتّاب الذين ترجم لهم الككلي من دول وأعراق كثيرة .. منهم الراحلون ومنهم الباقون أحياء حتى الآن .. الخلاصة أنَّ الككلي عاش والقصص التي ترجمها عاشت مجدداًً في لغة جديدة .. أي أن الحبر خاصة إن كان بطعم الحنظل ولونه لا يموت .. ولحظة الإبداع التي أنتجت تلك القصص لم تنته بعد .. حجر صغير رماه مبدع الماضي في بحيرة فأحدث دوائر تبتعد عن النواة وتمتد إلى ما لا نهاية .
هذه الما لا نهاية التقطها الككلي قائلاً لنا أنَّ الأدب الحقيقي كنز لا تمسكه الأيدي ولا تنقفل عليه الخزائن .. ولا أقصد بالحقيقي مفهوم الصدق والكذب .. أو الأصيل والمزيف .. أقصد الأدب الذي دمّه خفيف والذي لا تمل من قراءته والتمعن فيه والزاخر بطعم لاذع ليس بالضرورة أن يكون طعما لسانيا .
الكُتاب الذين ترجم عنهم الككلي قصصهم من جنسيات مختلفة .. ومن ألوان مختلفة .. ومن أديان مختلفة .. ومن أماكن مختلفة ..
الككلي تناول طعام حياته في طبق مزدان بلزاجة الزمن به رقصات الزمن وغنائه ورقصه .. به موته وحياته .. به الفصول الأربعة والأزمان كلها .. به الزلازل والبراكين والجليد والسافانا .. به الاستعمار والتطرف والتحرر .. به الإيمان والكفر .. كل قصة ترجمها وأنفق أجرها أسبغت عليه حياة جديدة ونكهة جديدة .. الآن الككلي مخلوق عالمي .. ساهم الأدب العالمي في استمرارية حياته وحياة أسرته .. أدب الماضي والحالي الذي ترجمه هو ضمان اجتماعي لا يؤخر صرف المرتبات عن مواعيدها .. بل دفع له هذا الضمان بسخاء ..دفع له مالاً ومتعة وحياة وخلودا .. كل القصص التي ترجمها الككلي عاشت مجدداً ولن تنسى صنيع هذا الككلي فكلما قرأها قارئ ستقول له أشكر عمّك عمر .. لولا عمر ما كنت بين يديك الآن أنفعك وستتناسل القراءات وستتحول هذه القصص إلى مشاريع ثقافية كبيرة تغطي غبار الإنسانية بالورود .
هو خدم نفسه وخدم الكُتـّاب وخدم القارئ وخدم العالم من دون أن يلبس لباس الخدم أو قفازات القمّامين .. خدم الجميع عارياً .. لا يرتدي شيئاً .. حتى الصدق خلعه ورماه ليتقلب في مغاسل الشفافية .. دفن نفسه في قبر الورق أياماً وأياما حتى تمَّ البعث والنشر واستلام المردود المادي والمعنوي والإبداعي .
العولمة التي تصدّع رؤوسنا في المحافل الثقافية والاقتصادية اكتشفها الككلي عبر ترجمة هذه النصوص .. قدمها لنا بصورة مذهلة .. لن نقول إنها عولمة ثقافية لأنه قاص .. لكنها عولمة إنسانية .. فقير ذهب إلى الماضي .. أحضر منه قوته .. إه يطعن الواقع بمسمار من الحنظل .. لأن الواقع حلاوته زائدة عن الحد أو فوق الحد .. حتى إن الذباب يطن ويزن ويوسخ هذا الواقع من دون هوادة .. لو وجد الككلي أنَّ الزان والطنان نحل أو نمل لما قام بفعلته النجلاء هذه .. ففي هذه القصة غوث .. أبدع لنا جرحاً سيجلب الذباب ليقف عليه وينهشه والجرح الذي يجلب الذباب هو جرح حي بعكس الجرح المهمل الذي لا يغري فضول أحد .
عمر الككلي لم يفعل شيئاً جلس ليكتب فتمرد قلمه عليه وجعله يتأدلج بطريقة أخرى ليس بها حليب وبسكويت وقطع خبز .. جعله أي قلمه يلج العالم من أبواب المعرفة .. والكتب .. وعودة الككلي للتعاطي مع الكتب دعوة جديدة في أعماقه لمراجعة ما اعتنق من رؤى .. فألف ليلة وليلة وأبن رشد وبابل .. والدون كيخوت .. هي كتب ومدونات تدعو إلى مزيد من التوغل والغوص الأركولوجي المتين .
قصة غوث من القصص العالمية وسيكون لها مكانها اللائق والمضيء في المكتبة العالمية .. وإنني فخور بهذا الأديب مبدع القصة عمر الككلي لأنه صديقي و من هنا .. هنا لا أعني بها ليبيا .. أعني بها شيئاًُ آخرا .. ستجدونه في الغوث .. فاكتشفوه ومن يكتشفه سأمنحه قبلة يختار مكانها .. وشكراً مقدماً أيتها القارئات .. وغيثوها يا عقّـالها ..... وجيبو اللي في بالها .
كتب للمؤلف:*- إلغاء الهوامش وانتفاء الأفعال- صناعة محلية.. الدار الجماهيرية – ليبياتاريخ الطبع: 2000-2001
*- عوالم عمر أبو القاسم الككلي القصصيّةالدار الجماهيرية – ليبياتاريخ الطبع: 2000-2001
*- الشيء الذي ينأىمجلس الثقافة طرابلس- ليبيا- 1972
*- منابت الحنظلمجلس الثقافة والعلومطرابلس- ليبيا- 2006

وقع خطى أقدام الماء وقصائد أخرى للشاعر الإيراني سهراب


ترجمة محمد الأمين
يعتبر الشاعر والفنان التشكيلي سهراب سبهري(1928-1980) من أشهر الشعراء الايرانيين المعاصرين. فبالرغم من النقد اللاذع الذي تعرض له طوال حياته من قبل االوسط النقدي وأشهر مجايليه بسبب خلو منجزه الشعر من صدى الواقع الاجتماعي الذي أعتبره شعراء الحداثة الايرانية منذ نيما يوشيج الرائد الى نهاية ثمانينات القرن الماضي ركيزة اساسية في الشعرية الحديثة الا ان مجاميعه الشعرية حققت في السنوات العشرين الاخيرة أعلى مبيعات دور النشر الأيرانية كما اعترف العديد من الشعراء المعاصرين بتأثيراته العميقة على منجزهم الشعري.وتوالت البحوث والدراسات الجامعية. تمتازتجربة سبهري بانبثاقها من منظومة فكرية متماسكة قلما شهدتهالا الشعرية الفارسية منذ افول المدرسة العشق الذي يشكل وازعا رئيسا لأصل الأرادة . في العرفان الاسلامي. وعبر لغة لم يكن لها أن تشق طريقها الى الذائقة العامة لولا اتسامها بشفافية جد عالية وكأنها مجتزة من حنجرة الطبيعة. آخى العزلة وناصر الطبيعة وكافح ضد التمايز بين الكائنات: "انا لا أعرف لماذا يقولون أن الحصان حيوان عفيف؟أن الحمامة جميلة؟ لماذا لا يوجد نسر في قفص أحد؟" الى أن هرمت يداه ظل سبهري أنيس النيلوفر، يحاول جادا العثور على الفرصة الخضراء التي تُوهت وظل يستدرج الأنانية عسى أن يفتت سلاسلها باعتبارها استلاب خفي لحرية الأنسان.قصائد سبهري تأملات في حضرة الطبيعة (ينبغي غسل الأعين وتغيير النظرة) كي تعاود الروح حضورها المتوهج وتكتسح العتمة التي داهمتها على حين غرة. حتى وفاته فيها بقى سبهري وفيا لمدينته كاشان رغم تجواله في العالم شرقا وغربا ، في مسقط راسه كان جل تعلله أن يرافق عزلته خارج كاشان وجغرافيتها:"من أهل كاشان أنا لكن كاشان ليست مدينتيمدينتي ضاعتوأنا بالحمى شيدت مدينة في ضقة أخرى من الليل"
القصائد المترجمة هنا منتقاة من أعماله الشعرية الكاملة التي تحمل عنوان الأسفار الثمانية والتي تشتمل على المجاميع الشعرية التالية: "أنقاض الشمس"، ""موت اللون"، "حجم الأخضر"، "حياة الأحلام"، "شرق الحزن"، "عدم مطلق، رؤية مطلقة".اضافة الى ملحمتيه الشعريتين: "وقع خطى أقدام الماء" و"مسافر"
بشارةسآتي ذات يوم برفقة بشارةسأصب النور في الشرايينوسأهتف: يامن سلالكم ملاى بالاحلامعندي لكم تفاح الشمس الأحمرسآتي أعطي المتسول ياسمينة أعطي المرأة الجميلة المصابة بالجذام أقراط أُخرسأقول للأعمى: انظر يالروعة الجنينة!سأصير بائعا جوالاأجوب الأزقة هاتفا:ندى ندى ندىعابر سبيل سيقول: أنه ليل حالكسأمنحه مجرةعلى الجسر فتاة مبتورة الساقينسأقلدها الدب الأكبر سأحصد كل السباب من الشفاهسأقوض الحيطانلقطاع الطرق سأقول: ثمة قافلة في طريقها اليكم حمولتها البسماتسأقطع الغيومسأعقد العيون بالشمس، القلوب بالحبالظلال بالماء، الأغصان بالريحسألحق حلم الطفل بترنيمة المهدسأطلق الطائرات الورقية في الفضاءسأسقي الأصص.سآتيمانحا الخيول والأبقار عشب الحنان الأخضرسأمنح الجواد طستا طافحا بالندىثمة حمار هرم يأتي، سأبعد عنه الذبابسأتي باذرا القرنفل على الأسوار جوار كل نافذة سأقرأ قصيدةلكل غراب أعطي سروةسأقول للأفعى : يا لأبهة الضفدعسأنثر السلمسأسيرسألتهم النور حينها سيكون لي صديق.

نيلوفركنتُ أعبر حدود الرؤياظل مظلم لزهرة نيلوفركان ساقطا فوق كل هذه الخرائباية ريح متهورة ساقت بذرة النيلوفر الى مملكة رؤياي؟خلق ابواب الاحلام ،الزجاجيةفي وحل المرايا الغائرفي كل الأمكنةاذ كنت اموت قطعة قطعةكانت زهرة نيلوفر قد نمتكانها تنسكب لحظة لحظة في اعماقيوانا في نغمة تبرعمهااموت ذاتيسقيفة الرواق تنهاروساق النيلوفر يلتف حول الاعمدةاية ريح متهورة ساقت زهرة النيلوفر الى مملكة احلامي؟لقد تبرعمت زهرة النيلوفرومن احلامي الشفافة انبثقت سيقانها
كنت في عالم الرؤياجاء سيل اليقظةفنحت عيني على انقاض الاحلامكانت النيلوفرة ملتفة حول حياتيكنت اعدو في عروقهاوكانها متجذرة فياية ريح متهورة ساقت بذرة النيلوفر الى مملكة رؤياي؟

ماء لانعكر الماء هناك علی بعد مسافة ربما ثمة حمامة تشرب الماءاو في غاب بعيد عندليب يغسل اجنحته او في قرية جفنة تملأ. لانعكر الماء ربما يسيل هذا الماء الرقراق نحو ساق صفصافة ليغسل حزن قلب. ربما يد درويش تغمس كسرة خبز بابسة في الماءامراة حسناء دنت من ضفة النهر فتضاعف جمالها . كم عذب هذا الماء! كم زلال هذا النهر!يالصفاء اهالي القری العالية لتكن ينابيعهم متدفقة لتكن ابقارهم حلوبةانا لم ار قريتهم لاشك ان جنب اكواخهم اثار اقدام الله المصباح هناك يضئ سعة الكلاملاشك ان في تلك القری الحيطان واطئة والناس يدركون اية ازهار هي شقائق النعمان لاشك ان الازرق هناك ازرق .برعمة تتفتح ..لاهل القرية خبر عنها.يالها من قرية ليكن طريقهم النيسمي مفعما بالانغام جيران الماء ادركوا معنی الماء ولم يعكروه يستوجب علينا نحن ايضا الا نعكره.

مسافر
عند الغروب في زحمة حضور الأشياء المجهد ثمة نظرة متربصة تبصر حجم الوقت وعلى الطاولة ضجيج فواكه ناضجة ينساب نحو جهة إدراك الموت المبهمة فيما الريح تهب لحاشية الحياة الوديعة شميم المزرعة المترامي فوق بساط الفراغ وكمهفاة يمسك الذهن سطح الوردة البراق ويروح عن نفسه
نزل المسافر من الحافلة يالها من سماء صافية وخطف امتداد الشارع غربته.
عند الغروب كان صوت ذكاء النباتات يطرق السمع المسافر قادما جالسا على مقعد وثير جوار العشب قلبي منقبض لكم منقبض قلبي طوال الطريق كنت منشغلا بشيء واحد وكان لون السفوح يخطف انتباهي فيما خطوط الطرق منغمسة في حزن السهوب بالها من وديان مدهشة ـ والحصان هلا تذكرته؟ كان ناصعا كمفردة نقية كان يعلف صمت الوديان الأخضر ثم الغربة الزاهية للقرى المحاذية ثم الإنفاق قلبي منقبض ولا شيء لا هذي اللحظات الشذية التي تنطفئ فوق أغصان النارنج ولا هذي الصداقة الزائلة المتراوحة بين أغصان الليلك لاشيء يحررني من هجمة الأطراف الفارغة وها أنذا أتفكر إن هذا الإيقاع الموزون للحزن سيبقى مسموعا إلى الأبد.
هوت نظرة المسافر على الطاولة ياله من تفاح جميل الحياة منتشية بالعزلة وسأل المضيف ـ ما تقصد بـ جميل؟ ـ أقصد فصاحة الأشياء عن حبها والحب وحده الحب يؤنسك بدفء تفاحة وحده الحب اقتادني إلى رحاب أشجان الحيوات إلى مقام مكنني فيه أن أتحول إلى طائر ـ وماذا عن نبيذ الحزن السحري؟ ـ انه يمنحك صوتا إكسيرياً مصفى
ينبغي أن نكون ممسوسين وإلا فسيتعذر علينا الترنم بالدهشة بين مفردتين والحب سفر إلى الضياء الراعش لعزلة الأشياء إلى صوت المسافات الـ.. ـ . . . غارقة في المجاهيل ـ كلا إنما صوت المسافات الزاهية كالفضة المتكدرة اثر سماعها للاشئ دائما وحيد هو العاشق هو والثواني يمضيان بيدين متشابكتين نحو الوجه الآخر للنهار هو والثواني ينامان على حصير النور ويدركان جيدا ما من سمكة قط استطاعت أن تحل انعطافات النهر وفي منتصف الليالي ه و والثواني يستقلان قارب الإشراق المندرس هائمين في بحار البصيرة مجدفين نحو مقام الدهشة ـ نكهة حديثك تجذب الإنسان إلى أزقة الحكايا فيا للدم الطازج الحزين المنساب في عروق لحن كهذا.
كانت الباحة متوهجة الرياح تهب وكان دم الليل سائباً في صمتهما.
الغرفة فضاء ناصع للتفكر يا لأبعادها المتواضعة قلبي منقبض لا أنوي أن اخلد للنوم اتجه نحو النافذة جلس على مقعد عتيق ما زلت مواصلا سفري أشعر أن زورقا ما يمخر أمواه العالم وأنا منذ ألوف الأعوام أغني لكوى الفصول مواويل طازجة لملاحين انقرضوا وأجدف وأجدف ترى إلى أين يقتادني السفر؟ في أي مكان سينطبع اثر القدم ناقصا في أي مكان ستحل أنامل الفراغ الطرية رباط الحذاء؟ أين هو المكان الذي يفرد فيه بساط للراحة والتنصت لصوت إناء يشطف بماء صنبور مجاور؟ وأنت في أي ربيع ستمكث لتمتلئ سطيحة روحك بالأوراق الخضر.؟
ينبغي إرتشاف النبيذ والسير فوق ظل يافع وحسب.
أين سمت الحياة؟ من أي الجهات سأصل إلى الهدهد؟ أنصت انه ذات الحديث الذي لوع طوال السفر نافذة الحلم فأية نغمة كانت ترن في كل الطرق في أذنيك؟ فكر أين هي النواة المحتجبة لهذا الترنم الغامض؟ أي وزن منعش ودافئ كان يثقل جفنيك؟ لم يكن السفر طويلا أن مرور سنونوة يقلص وطأة الوقت وفي محاورة الريح والصفيح ترجع الشارات صوب مطلع الذكاء لكن ماذا حدث في تلك البرهة حين كنت تتأمل من شرفة الصيف جاجرود المضطرب فحصدت الزرازير حلمك؟ كان موسما للحصاد كلما حط زرزور على غصن شجرة تورق كتاب الموسم وكان السطر الأول الحياة إغفاءة زاهية لإحدى دقائق حواء
كنت تتأمل فيما ذهن الريح منفرطا بين البقرة والعشب انظر دائما ثمة شرخ على محيا المشاعر دائما ثمة شيء كأنه نباهة الحلم طري كخطوات الموت يدركنا من الخلف يربت على أكتافنا فيما نرتشف عند الوقيعة دفء أنامله المشعة وكأنه سم لذيذ وهل تذكر البندقية؟ ووجه الارخبيل الهادئ؟ ففي ذلك الشجار الصدئ بين الماء والقاع c0ا يبصر الوقت عبر موشورارتج ذهنك اثر اهتزاز القارب دائما يصعد غبار العادة في لجة التامل دائما ينبغي معاودة السير بنفس طازج وان تشهق وتزفر بعمق كي يصير ناصعا وجه الموت..
اين حجر رينوس؟ قادم انا من جوار شجرة عليها بصمت ايدي الغربة الناعمة للذكرى كتبت عبارة من وحي الكابة
اسقوني النبيذ هلموا عائد انا من السياحة في ملحمة وكالماء رقراق ومتلاش ع ظهر قلب كحكاية سهراب والنبيذ السحري. الى مزرعة طفولتي اقتادني السفر وقفث كي يستقر قلبي أنصت لحفيف فراشة وحينما اشرعت الباب، انكفأت على وجهي اثر هجمة الحقيقة. ثانية، تحت سماء المزامير عندما استيقظت جنب ضفة نهر بابل كان نغم البربط منطفئا وحينم اصغيت بكاءات كانت تتوافد وبضع برابط هائجة تتارجح بين اغصان الصفصاف الطري.
في تلك الرحلة كان الرهبان الطاهرون يشيرون الى ستارة النبي ارميا المطفئة وانا بصوت عال ارتل سفر الجامعة فيما فلاحون لبنانيون يحصون في اذهانهم ثمار اشجارهم. على قارعة الطريق كان الاطفال العراقيون العميان ينظرون الى خط مسلة حمورابي.
طالعت كل صحف العالم.
كان السفر مليئا بالسيول فيما سقفه مازوم ومسخم يفوح برائحة الدخان اثر صخب الالة وعلى الرمال ، قناني نبيذ فارغة. تجاور شقوق الغريزة وظلال الاحتمال.
في منتصف الطريق، كان صوت السعال يصاعد من مصحات المسلولين بينما العاهرات يتابعن بنظراتهن دخان الطائرات النفاثة، الممتد في سماء المدينة، الزرقاء الاطفال يلاحقون الطائرات الورقية كناسو الشوارع يرددون الاناشيد فيما الشعراء الكبار يصلون على وريقات مهاجرة.
وطريق السفر النائي يممضي بين الانسان والحديد قاصدا جوهر الحياة الخفي متصلا بغربة ساقية يافعة ببرق صدفة صامتة واتساع لون بالفة لحن.
الى المناطق الاستوائية اقتادني السفر وكم اتذكر تحت اشجار البانيان الصامدة جملة ولجت في مستنقع الذهن كن واسعا،وحيدا مطأطئ الراس وصلدا.
قادم انا من صحبة الشمس اين هو الظل؟
لكن مازالت القدم دائخة اثر تشعب الربيع، رائدة الحصاد تفوح من يد الريح وحاسة اللمس مغمى عليها. خلف غبار مزاج النارنج في هذا التجاذب الزاهي من يعلم في اية نقطة من الموسم ستست قر صخرة عزلتي؟ مازال الغاب يجهل ابعاده المتناهية مازالت الاوراق تستقل الحرف الاول من مفردة الريح مازال الانسان يسر شيئا للماء وساقية حوار تسري في ذاكرة العشب وعلى مدار الشجرة ثمة دوي لجناح طائر هو الحضور الغامض لسلوك الانسان همس همهمة يأتي. المحاور الوحيد لرياح العالم انا.

لي فقط،همست انهار العالم سر الفناء الطاهر. هناك على قارعة سرناك فسرت معنى اقراط التيبت ذات الماركة العرفانية لاذان فتيات بينارس الخالية من الاقراط فيا نشيد صباح الفيدوات ضع على كتفي كل ثقل الطراوة فانني مصاب بحمى التكلم ويا كل اشجار الزيتون الفلسطينية حدثيني عن وفرة ظلالك حدثي هذا المسافر الوحيد القادم من سياحة الطور المحموم بحمى التكـلم.
لكن ذات يوم سيمحى التكلم وفراشات الحواس المنتشرة ستخلع البياض على شوارع الهواء فياللقصائد التي انشدوها لهذا الحزن الموزون.
لكن، مارال شخص ما واقفا قرب شجرة فارس ما ماكث خلف بوابة المدينة
حلم معركة القادسية الهنئ يثقل جفنيه النديين. مازال صهيل خيول المغول المارقة يصاعد من مزارع البرسيم الهادئة مازال التاجر اليزدي يغمى عليه جنب طريق الحرير اثر تنشقه توابل الهند وقرب هامون مازلت تسمع استولى الشر على ارجاء الارض الف عام انقضى لم نسمع نغمة استحمام ولم تنطبع صورة فتاة على الماء.
في منتصف الطريق على ضفة جمنا كنت جالسا محدقا بمشهد تاج محل الراجف فوق الماء حيث الديمومة الرخامية للحظات الاكسيرية واتساع الحياة في جسد الموت انظر ان الجناحين الكبيرين مازالا يواصلان رحلتهما الى حافة روح الماء انظر ثمة قدحات مدهشة جوار اليد شارة واحدة فحسب الحياة ضربة هادئة على حجارة المغارة،
في مسير السفر شطفت طيور روضة النشاط غبار التجربة عن عيني ودلتني على عافية سروة جلست جوار تال ورحت اترنم بدفء اجلالا للمشاعر التي اضاءت اعماقي.
لابد من العبور ومرافقة الافاق النائية واحيانا نصب خيمة في شرايين كلمة لابد من العبور واحيانا التهام حبة توت من مطلع غصن..
كنت اتمشى محفوفا بالغزل وكان الموسم موسم البركة وتحت قدمي كانت تدهس اعداد الرمال امراة سمعت ذلك دنت من النافذة،القت نظرة على الموسم كانت في بدء ذاتها وكانت يدها البدوية تحصد بحنان ندى اللحظات من مشاعر الموت. وقفت وكانت شمس التغزل سامقة كنت مواظبا على تبديد الاحلام محصيا ضربات نبتة غريبة تطرق الذهن كنا نظن اننا بلا حاشية كنّا نظن اننا عائمون بين النصوص الاسطورية لزهرة ريباس متشنجة وان ثوان من الغفلة هي حصيلة كينونتنا..
كنا في مطلع العشبة الخطرة حينما هوت علي نظرة امراة: جاءت وقع خطاك ظننتها الريح تلاعب ستائر بالية كنت قد سمعت رنين خطاك جوار الاشياء ـ اين هو حقل الخطوط ـ انظر الى التموج، الى تشظي جسدي الشاسع؟ ـ من اية جهة ساصل الى السطحواملأ امتدادي حد حافة الكأس الرطبة عطشا في ايما مكان ستصير الحياة ظريفة كما انكسار انية متى سيدر سر الفطر لعاب الحصان؟ ـ وفي حشد الايادي الجميلة، سمعنا ،ذات يوم ايقاع اقتطاف عنقود.ـ في ايما مكان جلسنا على العدم وغسلنا ايادينا ووجوهنا بدفء تفاحة؟ ـ قدحات المستحيل تصاعد من الكينونة ـ في ايما مكان سيصير رعب التامل لطيفا واكثر خفاء من مسار الطائر نحو الموت؟ في محاورة الاجساد لكم كان طريق الصفصافة نيرا اي السبل تفضي بي الى مزرعة المسافات؟
لابد من العبور انها همسة الريح، لابد من العبور ومسافر انا ايتها الرياح الدائمة خذوني الى رحاب تشكل الوريقات الى طفولة ملوحة المياه والى ان يتكامل جسد العنب املاوا احذيتي بنشاط الجمال ارفعوا لحظاتي الى ذرى الطيور ودعوها تتسامى في سماء الغريزة الناصعة واحيلوا حادثة كينونتي المجاورة للشجرة الى صلة مفقودة وطاهرة وحين اتنفس العزلة بعثروا شبابيك مشاعري.
ابعثوني لمطاردة الطائرة الورقية للايام تلك ابعثوني الى خلوة اوجه الحياة ودلوني على مقام الهباء الملائم

وقع خطى أقدام الماء
من أهل كاشان أنادهري لا بأس بهلي كسرة رغيف، نتفة ذكاء، رأس إبرة ذوقلي أُم افضل من أوراق الشجرأصدقاء أنقى من ألماء الرقراق.
لي إله في هذا الجوار:بين أزهار الليلك هذه، عند الصنوبرة الشامخة تلك\فوق وعي للماءفوق قانون النبتة.
مسلم اناقبلتي وردة حمراءمصلاتي النبعتربتي النورسجادتي السهلإني أتوضأ بنبضات النوافذفي صلاتي ينساب القمر،يسرح الطيفخلف صلاتي يتجلى الحجرلقد تبلورت كل ذرات صلاتياني أُقيم الصلاة حينما:تنطق الريح آذانها،فوق منارة السروإثر تكبيرة الإحرامإثر "قد قامت" الموجكعبتي على حافة الماءكعبتي تحت أزاهير الأكاسياكعبتي كالنسيم تتنقل من بستان الى بستانمن مدينة الى اخرى.
"حجري الأسود"" ضياء الجنينة.
من أهل كاشان أنا الرسم مهنتياحيانا أبتدع من اللون قفصا أبيعه لكمكي يترطب قلب عزلتكم بغناء الشقائق الحبيسة فيهياللخيال! ياللخيال!أعرف أن قماشة الرسم بلا روحأعرف أن حوض لوحتي بلااسماك.
من أهل كاشان أنا ربما إنحدرتُ من سلالة عشبة من الهنداو آنية خزفية من تراب السيلكربما انتسبُ الى إمرأة داعرة من بخارى.
أبي بعد مجئ الخطاطيف، مرتين بعد سقوط الثلج مرتينوبعد إغفاءتين في الرواقخلف ألأزمنةمات.
حينما مات أبي كانت السماء زرقاءفزت أمي من نومها مدهشة، وازهوت أختي حُسنا.حينما مات أبي ،كان الحراس شعراءسالني البقال : كم من البطيخ تريد؟سألته: رطل قلب مبتهج بكم؟
كان أبي يرسمكان يصنع الأوتاركان أيضا ذا خط جميل.
حديقتنا كانت جنب فئ المعرفةكانت محل إنعقاد الشعور بالنبتةحديقتنا كانت نقطة إلتقاء النظرة والقفص والمرآةحديقتنا،ربما كانت قوسا من دائرة السعادة الخضراء.
كنتُ أقضمُ ، في الحلم، فاكهة الله النيئةكنتُ أشربث الماء دونما تفلسفكنتُ أقطفُ ألتوت بلا درايةوكلما إنفلعت رمانةأضحت اليدُ نافورة للأمانياحيانا تلصق العزلة وجهها على زجاج النافذة ياتي الشوق مطوقا بيديه عنق الاحساسكان الفكر يلعب كانت الحياة كزخة عيدكشجرة سنار مكتظة بالزرازير كانت الحياة آنذاك صفا من النور والدمى باقة حرية كانت حوضا من الموسيقى ،كانت.
الطفل رويدا رويدا نأى عن زقاق الجدار حزمتُ متاعي ،هاجرا زقاق مدينة الأماني الخفيضةممتلئا قلبي بغربة الجراد.
ذهبتث الى ضيلفة الدنيا :إلى سهل الحزن الى حديقة العرفان وغلى إيوان قناديل المعرفة ذهبتُتجاوزتُ درجة المذهب حتى بلغتث نهاية زقاق الشكأدركتُ هواء الغنى المنعشالى ليل المحبة المبتل ذهبتوألى لقاء شخص في الجهة الأخرى من الحب ذهبتُ ، ذهبت الى المرأة إلى قنديل اللذة إلى صمت الرغبة
رايتُ فوق الأرض اشياء:
طفلا يشم القمرقفصا بلا باب فيه يلتاع الضوء سُلما يتسلقه العشق نحو سطيحة الملكوت رأيتُ إمرأة تطحن النور بمهراس ..على مائدتهم المبسوطة كانت الظهيرة خبزا خضرة كانت كانت ندى ووعاء محبة ساخنرأيتُ شحاذا يتسول غناء القبرة من باب الى باب رأيتُ نعجة تجتر ورقة طائرية إتانا يفهم معنى الاحراش في مرتع النصيحة رأيت بقرة متخمة بعلف النصائح.
رأيت شاعرا يخاطب زهرة السوسن ب "أنتن "رأيت كتابا مفرداته من البلور رأيت ورقة من قماشة الربيعرأيتُ متحفا نائيا عن الخضرة مسجدا بعيدا عن الماء وعلى وسادة فقيه يائس ، إبريقا طافحا بالسؤال.
رأيتُ إتانا حمله الانشاء رأيت جملا حمله سلة الحكمة والأمثال الخاوية رايت صوفيا زادهُ "تنتاها ياهو"رأيتُ قطارا ينفل النور رأيتُ قطارا مثقلا بالفقهرايتث قطارا فارغا محملا بالسياسة رأيتُ قطارا محملا ببذور النيلوفر وغناء الكناري رأيتُ ذرات تراب جلية على زجاج نافذة طائرة محلقة في أوج الأغاليرأيتُ عرف الهدهدصورة ضفدع في بُركةذبابة تجتاز زقاق العزلةوالرغبة النيرة لعصفور غادر للتو شجرة السنار متجها نحو الأرض.
رأيتُ بلوغ الشمسالعناق الجميل بين دمية وفجرالسلالم المفضية الى بيت أزهار الشهوةالسلالم المفضية الى سرداب الكحولالسلالم المفضية الى قانون زوال وردة الجوريوالأدراك الرياضي للحياة السلالم المفضية الى بيت الإشراقالسلالم المفضية الى منصة التجلي.
هناك في الأسفل كانت أمي تشطف أكواب الشاي بذاكرة الشط

كانت المدينة مرئيةكان النمو الهندسي المتفاقم للاسمنت والحجر والحديد واضحاواضحة كانت الباصات ذات الأسطح المقفرة الطيوربائع الورد اذ يعرض بضاعته في المزاد.
ثمة شاعر ينصب ارجوحة بين شجرتي ياسمينصبي يرشق المدرسة بالحجارةطفل يبصق نواة المشمش على سجادة ابيه الباليةماعز يشرب الماء من خارطة بحيرة خزر.
حبل الغسيل كان واضحا ومشدة الصدر.
عربة تنتظر مكث الحصانالحصان ينظر إغفاءة الحوذيالحوذي يترقب الموت.
كان الاحتفال واضحا كان الموج واضحاالثلج والصداقة والكلمة والماءوصور الأشياء مرتسمة على سطح الماءوظل الخلايا الندي في بقعة دم.
سمت الحياة الندية.
رحلة البذرة الى الوردةرحلة اللبلاب من بيت الى بيترحلة القمر الى الحوضاندلاع البيلسان من التربةاندلاع البيلسان من التربةنسكاب عريشة العنب اليافعة على الجدارزخة الندى على جسر الرؤياقفزة البهجة من خندق الموت عبور الحادثة من وراء الكلام.
حرب روزنة ضد أمنية النورحرب درجة سلم ضد قدم الشمس الممتدةحرب العزلة ضد أغنيةحرب ملهاة بين الأجاصات وزنبيل خاو حرب دامية بين الرمانة والأسنان حرب النازيين ضد ساق نبتة مغناجإشتباك الببغاء مع الفصاحةحرب التربة ضد برودة الجبين.

هجوم بلاط المسجد على السجودهجوم الرياح على معراج فقاعات الصابونهجوم فيلق الفراشاتعلى برنامج إبادة الافات الزراعيةهجوم أسراب الجراد على عمال أنابيب المياه هجوم معسكرقصب الناي على حروف الرصاصهجوم مفردة على فك الشاعر.
فتح قرن بأكمله بيد قصيدةفتح مزرعة على يد زرزورفتح زقاق بتحيتينفتح مدينة بأحصنة من خشب فتح عيد بدميتين وكرة.
مقتل خشخاشة خنقا، على فراش الظهيرةمقتل حكاية في زقاق الحلممقتل كإبة بامر من نشيداغتيال صفصافة بمرسوم حكومياغتيال شاعر كشيب بزهرة البيلسان.
كل شئ كان واضحا فوق الارضالقانون يتمشى في زقاق اليونانالبوم ينعق في الجنائن المعلقة الريح في منعطف خيبر تسوق لفافة من الخس نحو الشرق.
فوق بحيرة الشذرة الهادئة يترنح زورق ملئ بالورودفي بينارس ثمة قنديل أبدي وهاج يشع في مطلع كل زقاق.
رأيثُ الناسرأيت المدنرأيت السهوب الجبال،الماء والترابرأيت النور والظلمةالنباتات رأيتها فى النور وفي الظلمةرأيت الحيوات في النور رأيتث الحيوات في الظلمةرأيت الانسان في النور والظلمة.
من أهل كاشان أنا لكن كاشان ليست مدينتيمدينتي ضاعتوأنا بالحمى شيدت مدينة في ضقة أخرى من الليل
في هذا البيت ، قريب أنا من أسماء الأعشاب الرطبة المجهولةاني أنصت لشهقات الجنينةوزفرات العتمة حين تنساب من وريقة مهجورةوسعال نير يفد من وراء شجرةوعطسة الماء المنبثقة من احجار صلدةوسقسقة النورس من سقف الربيعوصرير نافذة العزلة الصدى المشذب لانسلاخ جلد الحب المبهموتراكم رغبة الطيران فوق جناح اني أنصت لتشقق أبهة الروحوقع أقدام التمنيوقع خطى الدم في الأوردةوخفقات قلب ليلة جمعةوصهيل الحقيقة النقي النائيأني أنصت لعصف الأنثى ودبيب خفي الأيمان في زقاق الشوقهطول المطر على أهداب الحب النديةعلى نغمات البلوغ الحزينةوأناشيد شجيرات الرمان.تشظي زجاج البهجة ليلاوتمزق وريقة الجماالعصف الريح حين تُملي وتفرغ إناء الغربة.
قريب أنا من قلب الأرضلي دراية بمصير الماء،بطبائع الشجرة الخضراءروحي منسابة نحو جهة الاشياء ،البكريافعة روحيتسعل أحيانا إثر الشوقروحي عاطلة عن العمل:نحصي قطرات المطر وشقوق القرميدلها أحيانا وجود حقيقي كما احجارالعثار.لم أر شجرتي حور متخاصمتينأوصفصاافة تبيع ظلها للارضسدرة تهب غصنها للغراباينما صادفت وريقة إزهر حنينيشتلة خشخاش عمدتني بسيل الكينونة.كما جناح فراشة أعرف وزن السحركأصيص أصغي لموسيقى النموكزنبيل ممتلئ بالثمار مفعم بحمى النضج اللاهبةكحانة أقبع في تخوم الكسلكبناية مطلة على البحرقلق من التجاذبات السامقة لغيمةما تريد من شموس ، ماتريد من إنعقادات،ماتشاء من وفرة
قانع أنا بتفاحة أو بشم فسيل أو بابونجلي قناعة طاهرة بمرآةأنا لا أضحك لو أن بالون إنفجرأو فلسفة شقت القمر نصفينأني اعرف دوي أجنحة الفراشةألوان بطن النعجةإثر أقدام الماعزأعرف جيدا أين ينمو الريباسمتى يأتي الزرزورمتى يغني الدراجمتى يموت البازأعرف معنى القمر حين الصحراء غافيةمعنى الموت في ساق الأمل معنى توت اللذة بين أسنان في برهة المضاجعة
الحياة عادة جميلةلها أجنحة وزغب بحجم الموتلها قفزة بسعة الحبالحياة ليست شئ يغادر أذهاننا من على رف العادةالحياة جذبة يد تحصدطلع تين أسود في فم صيف ، فجشجرة تنأى في عين حشرةشعور غريب في قرارة طائر مهاجرالحياة صفيرقطار في منعطف جسر تأمل مزرعة من نافذة مغلقة في طائرةالحياة خبر عن مركب في الفضاء
لمس عزلة القمرشم وردة في كوكب آخر .
الحياة شطف آنية.
الحياة هي العثور على درهم في ساقية الشارع الجذر المربع للمرآةالحياة وردة أسها الأبديةحاصل ضرب الأرض بنبضات قلوبناالحياة هندسة بسيطة مستوية الأنفاس
لأكن أينما كنتُلي السماء لي النافذة والـتأملالهواء والحب لي الارضماضير إن نماأحيانا فطر الغربة؟
ولنأكل في الصباح الخبز والجبنولنزرع فسيلا في منعطف كل حديثولنبذر السكوت بين هجائينألا نقرأ كتابالاتهب منه الريح أو كتابا لم تتطرا فيه قشرة النسيمأوتتباعد فيه المساماتألا نطالب الذبابة بمغادرة انامل الطبيعةألا نطالب النمر مغادرة بوابة الخليقةولنعلم أن الحياة تختل إن نقصت منها دودةولو لم يكن الموت لكانت اليد تبحث عن شئ ماولو لا النور لاختل قانون الطيران البهيوبلا مرجان، سيكون مضطربا ذهن البحر.
لنشم عطر أطلسيات المشفىعلينا أن لا نستفسر عن نافورة الحظعن قلب الحقيقة الازرقعن ليل الاسلاف ونسيمهمما من فضاء خلفنامامن طائر يشدولاريح تعصف وراءنامغلقة نافذة الصنوبرة الخضراءخلفنا تراب وتاريخ منهك.
الى البحر إذن نلقي فيه شباكناوننتزع الطراوة من الماء.
إن ذرة رمل من ساحل بحرتوجز الشعور بثقل الكينونة.
علينا ان لانسب القمر ان داهمتنا الحمىأحيانا حينما تصيبنيأرى القمر يهبط الى الارضأرى غناء السهرة متألقاأحيانا، ثمة جرح في قدمي يسرد لي كل تفاصيل الارض
على سرير المرض رأيت حجم الوردة مضاعفارأيت قطر النارنج وشعاع الفانوس علينا أن لانخشى الموتالموت ليس نهاية الحمائمليس الموت الا جندب مقلوبالموت منساب في ذهن ورود الاكاسياالموت عشبة في مناخ الفكرفي نواة ليل القرية ، يتحدث الموت عن الفجرمع عنقود عنب يفد الى الفمالموت مسؤول عن موت جناح فراشةأحيانا يحصد الموت الريحانأحيانا يشرب الموت الفودكاوأحيانا يجلس في الظل محدقا بنا.علينا ان لانغلق الباب بوجه المصير الحيالوافد من وراء الصنوبراتلنزيح الستارة لندع المشاعر تتنفسلندع البلوغ يبيت تحت البتلة التي يشاؤهالندع الغريزة تلهوتخلع حذاءها لتقفز من على اكتاف الورودنحو الفصوللندع العزلة تغنيتكتب شيئا.. تسير في الشوارعلنكن بسطاء إن امام كوة مصرفأو تحت شجرةليس شأننا معرفة سر الوردة الحمراءربما تتلخص مهمتنا بالسباحة في بحيرة خرافتهاأن ننصب الخيام خلف المعرفةأن نغسل أيادينا بجذبة وريقةأن نتجه نحو المائدةأن نولد في الصباحات مع اشراقة الشمسأن ندع الهيجان يطير أن ندع الندى يتقاطر فوق الفضاء واللون والصوتوالنافذة والوردةأن نثبت السماء بين مقطعي مفردة "وجود"ان نفرغ ونملا رئاتنا بالابديةان ننزل عب المعرفة عن اكتاف السنونوان نسترد الاسم من الغيممن السنار والبعوض والصيفان نتسلق اقدام المطر الطرية نحو ذروة الودان نشرع الابواب بوجه الانسان والنور والنبات والحشراتان نهرول بين النيلوفر والزمن نحو الحقيقة

سراب الليل قراء عبد الدائم اكواص



بقلم : عبدالدائم اكواص

" القصة وببساطة تامة على النحو التالي : إلتقى (مختار) وهو ابن بوليس ملكي سابق بـ(فاطمة) وهي ابنة موظف في الأوقاف صحبة صديقين وصديقتين لهما في الحديقة ، ونشأت بينهما علاقة حب ، ثم هجرته وظل في الحديقة التي التقاها فيها أول مرة ، ومضت فاطمة تبحث عن حياة مختلفة يكون فيها المال أهم متطلباتها وأهدافها ، مما يوقعها في شباك الدعارة ، كل ذلك والبلاد مشغولة تماماً بالعلكة التي كانت تركيا أهم مصدريها لليبيا في تلك الفترة وذلك عبر تجارالشنطة !! تلك هي القصة وما عداها هوامش !!" . هكذا يلخص الكاتب (منصور بوشناف) روايته الأولى (العلكة-سراب الليل) ، ولكن بمجرد إطلاعي عليها اكتشفت بأن الموضوع أكثر تعقيداً من ذلك ، وأن اللعبة أكبر بكثير من مجرد قصة حب بين رجل وامرأة ، وأن التفاصيل التي وصفها (بوشناف) بالهوامش ليست كذلك ، بل تمثل مجموعة من أحجار الفسيفساء التي باجتماعها تتكون الصورة العامة أو بانوراما الرواية . وعلى الرغم من اللغة البسيطة التي استعملها الكاتب ، والتي وصفها باللغة الصحفية؛ إلا أنني اعتبر هذه الرواية الصغيرة حجماً من أكثر الروايات التي قرأتها تعقيداً ، فلا أكاد أمرّ على شيء فيها لا يرمز إلى شيء آخر ، فهي رواية مليئة بالرموز والدلالات والإسقاطات ، وهي بذلك ليست رواية "طيبة" أو "محايدة" ؛ بل رواية مستفزّة ولاذعة ، بل وصادمة أيضاً.
هل نستطيع-إذاً-أن نقول أن المعنى في بطن الكاتب ؟...ممكن جداً ؛ فهذا الكم الكبير من الدلالات والرموز والإسقاطات-كما سبق وذكرت- يستوجب أكثر من قراءة ، بل وأكثر من مجرد القراءة ، بحيث يجب علينا أن نغوص بعمق ، وأن نسير بعيداً إلى ماوراء اللغة البسيطة والمعنى الظاهري ، وأن ننظر للرواية من أكثر من زاوية ، لعلنا نستطيع أن ندرك المقصد الحقيقي من وراء تلك الرموز. أنا لا أقصد إطلاقاً أن هذه الرواية "عبقرية" ، أو أن فهمها يحتاج إلى "عباقرة"؛ ولكنني حاولت أن أجد وصفاً مناسباً لما قرأته فيها "ككلمات" ، ومن خلالها "كمعانٍ عميقة" . ولكي أريح القارئ وأريح نفسي ؛ يمكنني –ببساطة كتلك التي كتبت بها هذه الرواية- أن أصفها بأنها "رواية مثيرة للشك" .
لقد تفادى "منصور" في هذه الرواية العادي والمألوف من أساليب كتابة الرواية ، وأقول تفادى ولا أقول "اخترع" أو "ابتكر" لأنه لم يكن-حسب اعتقادي- يبحث عن كتابة رواية "عظيمة"، بقدر ماكان يبحث عن كتابة رواية حقيقية صادمة ، والأهم من ذلك أنها تجعل القارئ يفكر ويفكر ثمّ يعيد التفكير فيما فكر فيه ، أي أن التفكير يصبح "علكة" يلُوكُها العقل ولايصل إلى شيء سوى لمزيد من الشك .
أنا-في هذه القراءة- لن أتورط في سرد أحداث الرواية ، أو في محاولة سبر أغوارها واستخلاص الدروس المستفادة ، بل أُقر بأنني قد خرجت منها بكمٍّ كبير من الشكوك حول دلالاتها، وحول فهمي لها ، فكلما كنت أقبض على معنى نهائي ؛ تسلل الشك إليّ ، وأصبح ذلك المعنى النهائي مجرد اعتقاد يشوبه شعور بالخطأ . ولعل ذلك هو أجمل ما في هذه الرواية ، أعني أن القارئ لا يصل معها إلى "ذروة"، كما ليس هناك ما يمكن أن نسمّيه "تجمعياً" للأحداث أو تصاعداً درامياً يصل بالقارئ إلى برّ الأمان أو الحقيقة المطلقة عند نهاية الرواية ، بل ستكون رحلة القارئ خلالها عبارة عن انتقال من معنى يثير الشك إلى شك يقوض المعنى ، وهكذا إلى أن يصبح العقل "يلوك" المعاني والشكوك ولايصل إلى حقيقة مطلقة ، وبذلك يكون (بوشناف) قد نجح في أن يجعل القارئ يفكّر بهوس ، ونجح أيضاً في أن يجعل روايته مناسبة لكل قارئ ، فكل قارئ يمكن له أن "يعلك" أحداثها وشخوصها كما يريد ، وأن يشكّ في-حتى لا أقول يفهم- معانيها كما يشاء .