الأحد، 1 يونيو 2008

قراءة في نصوص القاص الليبي " عمر أبو القاسم الككلي "





بقلم : محمد الأصفر - ليبيا
منذ أنْ تعرفت على عالم القصة وركـّـزت على قراءة القصص القصيرة والاستمتاع بها بطريقتي شدّتني قصص الكاتب الأرجنتيني الكبير بورخيس .. هذا الإنسان الذي قرأ حتى أصابه العمى .. وحتى بعد أنْ فقد بصره ظل يقرأ عبر عيون رفيقته وأصدقائه وعبر عيون الحياة الكامنة في المخيلة واصل القراءة وهو أعمى أيضاً بواسطة الصمت .. الجميل في بورخيس أنَّ معظم قصصه كانت عن المعرفة .. عن الاكتشاف .. عن الطفل الذي تكوّن وولد ووجد نفسه ملطخاً بالحبر الأحمر المـر المؤلم فصار يحبو على التراب يخضّره ويذهبّه ويضيئه.. يكتب بورخيس كما الطفل في رحلة حياته التي وإن سارت بصورة طبيعية توصله إلى الشيخوخة والموت في سلام .. فنصوصه رحلة عبر الحياة تكتشف الذات وما يحيطها .. يكتشف الأحلام بدرجاتها وأنواعها كلها .. كان بورخيس يسّود الورق خاطاً طريقاً مشتعلاً .. هذا الطريق ليس مستقيماً لكنه متعرجاً وهذه التعرجات هي التي منحتنا متاهة نراها واضحة في قصائده وقصصه .. والنص المتهاوي هو النص الذي يحترم القارئ ويسلمه قبساً ليحفزه على مواصلة البحث والخروج من هذا اللغز .. الطفل يخرج من الحياة عن طريق الموت .. والنص يخرج من الحياة عن طريق اللا فن .. لذلك نجد أنَّ الفن شيء مؤلم كالنار أو كالجمر أو كما يقول السلفيون كالإيمان .. أقصد القابض على الإيمان كالقابض على الجمر .
معظم نصوص بورخيس لها علاقة بالكتب .. وفي الوقت نفسه قصصه ليست طويلة كلمات .. لكنها طويلة رؤية ..تقرأ له فتتورط .. تصير مُقلِّباً للذي قرأته على الجوانب جميعها لتجعل المقروء ينضج.. لكنه لا ينضج ليس لأنه نيء .. أو متحشرف وشارف .. لكن لأنَّ حطب نارك قد بلله دمع الفن .. في الوقت نفسه قصص بورخيس ـ كما يقول بعض النقاد ـ لا تمنح نفسها بسهولة واعتقد أنَّ قصصه لم يكتبها للمنح لكن للأخذ .. والقصص التي تجعلك تأخذها تعيش طويلاً .. فالقارئ الآخذ غير القارئ المستأذن .. الآخذ صاحب حب ويقين والمستأذن مهتز متردد قد لا يقبض على شيء خاصة في زمن السرعة هذا والقادم .. القصص المأخوذة تعيش طويلاً لأنها تجوع في كل يوم تتغذّي على نور المخيلات .. تبحث عن هذا النور في مخلوقات الحياة .. فمثلما نقرأ نحن القصص فالقصص أيضاً تقرأنا .. إن لم نكن قراءً جديرين بها فلن نعثر على القصص الجيدة .. فالقارئ الجيد مخلوق إبداعي .. والقصة الجيدة مخلوق إبداعي .. القارئ الجيد أبدعته الحياة والرؤية والكتب التي قرأها والموهبة الكامنة في روحه .. ومرّ بمخاضات كثيرة مؤلمة حتى أمتلك الذوق والإحساس والتفاعل وكل شيء متعلق بكيمياء القراءة وأيضاً لم تستدرجه قراءته الجيدة لأن يكتب .. فهو يرى ما قرأه ويعرف نفسه هل سيكتب في مستوى ما قرأ أم أنه سيخجل .. القارئ الجيد ركل الاستسهال إلى القمامة ومضي يقرأ .
إنْ لم نكن قراء جيدين لن نعثر على القصص الجيدة .. ستختفي القصص الرائعة من أمامنا .. بل أمامنا سيختفي حتى لا نسير فيه لنصطدم بجمال لا نقدره ونحترمه .. القصص الجميلة ستشم رائحة الرداءة فتبتعد إلى حيث تجد من يعشقها .. الكثير قرأوا قصصاً جميلة لكنها تركتهم ولم تترك عبقها فيهم .. لقد وجدت حطبهم عطناً فقاومت أنْ تشتعل فيهم .. قالت لحطبهم أنا قصة سيئة أتركوني الله يرحم بيّكم أغادر .. نفخت على لهب غروره وفلتت .
سيظل بورخيس كاتباً متميزاً وأمثولة قد لا تجود الحياة بمثلها فنصوصه التقط قيمتها من أمهات الكتب .. قرأ الجميع وألمَّ بالجميع .. قرأ العرب والصين والأوربيين والأمريكان وأجناس الكون كلها .. قرأ الجماد أيضاً ثم قرأ نفسه وهي تضطرم هو من الكتّاب القُـرَّاء وهؤلاء الكتاب الآن قليلون يعدّون على الأصابع البشرية نذكر منهم مثلاً ميلان كونديرا وأمبرتو أيكو وخوسيه ساراماجو والذي هو أيضاً أعماه الحرف .
بورخيس خلط نفسه في قراءته ثم عصرها لتقطر لنا ما قرأنا له من قصص.. وأجزم أنَّ قصص بورخيس التي قرأناها مترجمة إلى العربية في لغتها الأصلية قطعاً نفسية من الإبداع .. وذلك لِمَا يرتكبه المترجمون الحمقى من كوارث تجعل الإبداع يندب حظه ويبكي .
لم يكتب بورخيس رواية لكن ما أراده ابدعه في قصائده وقصصه القصيرة وسيرته العمياء .. فهو قرأ الكم وأبدع الكيف .. لكن هذا الكيف القليل هو كم هائل من الجنون .. هو إبداع مركز .. ينهل منه الكتاب اللاحقون ويذيبون قطرات منه في ماء حبرهم فيبدعون منطلقين من أرضية خصبة تمنحهم نصف نجاح النص على أقل بسهولة .
سنجد بورخيس مبتسماً وراضياً الآن يمرح ويتقلب في معظم النصوص المتداولة في الساحة الثقافية الليبية والعربية والعالمية .. نجده في الشعر والقصة والنقد والسيرة الذاتية .. نجده حتى في لوحات التشكيليين الخائضين في السرد على حساب الجماليات البصرية .. من الصعب أن يتخلص قارئ بورخيس من البورخيسية .. أقصد بالقارئ الجيد للأدب .. فبورخيس سطوة وسرطان أدبي من المعجزات أن يتم التخلص منه .. مهما غسل قارئ بورخيس حروفه في الماء وقطّر حبره في مقطرة البخار فسيظل بورخيس الأعمى وسيظل عبقه الذي لن تخطى المشام دروب وأصابعه وعكازه .. وبالرغم من أنَّ بورخيس قد ترك كافكا بعيداً .. أبتعد عنه بعدد صفحات الكتب التي هضمها .. ابتعد عنه ودفع الثمن .. نور عينيه .. لم يعد يرى النساء الجميلات والطبيعة الحيّة .. هذه القراءة التي جعلته كاتباً موسوعياً دفع ثمنها راضياً .. عاشقاً كالفراشات التي تسفح نفسها على النور الساخن .. فقد بورخيس بصره فتحول من رائياً إلى متلمساً .. ومن وجهة نظري أنَّ المتلمس أفضل من الرائي .. لأنّ اليد أقرب من العين .
الوقت الآن الصباح الباكر .. الخامسة صباحاً .. الجو بارد ،، استحممت بالماء البارد لأن السخانة عاطلة وجلست أكتب السطور السابقة .. لم أُعد القهوة ولم أشعل سيجارة خيالية .. الحمّام البارد جعلني معتدل المزاج .. ومنحني رغبة شديدة في الكتابة .. وأنا أكتب عن بورخيس لاحت مني نظرة إلى كوم الكتب فرأيت كتاب القاص الجميل "عمر بالقاسم الككلي".. المعنون بمنابت الحنظل والشيء الذي ينأى.. قلت لا بأس حنظل على الصباح ليس هناك مشكلة .. سنكتب بحبر الحنظل .. منذ أنْ بدأت الكتابة كنت حريصاً على قراءة قصص الككلي .. كان نجماً في الإعلام المحلي .. قصصه تنشرها وتحتفي بها كافة المطبوعات الليبية وكل الذين يتعاطون النقد في بلادنا يكتبون عنه خاصة أصحاب النزعات اليسارية وبدأت أقرأه وأحلل قصصه في وجداني أو في مخيلتي محاولاً أن أجد شيئاً لم أجده في قصص الآخرين ليبيين وعرب .. كل الذين كتبوا يحكون عن اللغة التكثيف الزوائد .. سلامة اللغة العربية .. قصصه مثل القصيدة .. القصة الشعرية .. وبالرغم من ذلك لم أتوقف .. وبالرغم من ذلك لم أتوقف عن قراءته .. واصلت قراءته .. قرأت له نصين جميلين بعنوان أبي .. أمي .. يحكي فيهما عن والديه وعلاقتهما بسجنه.. نصان حزينان .. رائعان .. قرأت له قصصا أخرى كلها منطلقة من أيدلوجية اشتراكية .. تريد أن تقّسم الخير والشر والراحة الألم على الجميع .. قرأت له الكثير من القصص الجميلة .. لكنها كلها لم أتوقف عندها .. قرأتها وتمتعت بها وذهبت في حالي وذهبت في حالها .. لم تكن نصوص الككلي تخُصـه وحده ففي نصّه نجد آخرين .. خاصة بورخيس .. فقصة بورخيس التي بها رجل جالس في الحديقة يعود به الزمن إلى الوراء أو يذهب إليه في الأمام .. الجالس على الكرسي هو نفسه القديم والحديث المشاعر لا تتغير بسبب المكان او الزمن قصة بها حفر عميق وجرح غائر ينفث الحياة .. الآخر في قصة بورخيس هو الآخر نفسه الذي نجده في شخصية الطفل في قصة الككلي تكيفاً التي بها دراجة قديمة وجديدة .. هناك قصص كثيرة للكلي تتقاطع مع بورخيس وتعود إليه سريعا فتصاحبها في رحلتها ولا تكاد تفارقها إلا في بقع مبعثرة هنا وهناك .. لكن دائماً المبدع يعاني ويتألم ويلعب ليصل إلى شيء وليلفلت من قبضة الماضي بأزمانه الثلاثة .. ففي الماضي أيضا حاضر ومستقبل وماضي قديم .. ها هو الككلي أراه قد راوغ بورخيس وهرب منه مختفياً في عالم ككلي خاص صعب على روائح بورخيس أنّ تتلمسه .. عالم أبدعه بنفسه وصنعه بطوب تجلياته وماء تأمله الطويل .. ذاب في عالمه الجديد جيداً ثمَّ عاد إلى الساحة ليكتب قصته التي اعتبرها قصة عالمية وهي قصة ( غوث ) وأقول أنَّ عمر الككلي قاص مدهش وكل قصصه من السهل والممكن تقليدها أو إنتاجها من قبل كتاب آخرين .. لكن هناك قصة غوث فهي من الصعب أنْ يتم كتابتها مجدداً ولو من الكاتب نفسه .. وبالرغم من أَّن هذه القصة بورخيسية في الشكل والمضمون فهي تتحدث عن المعرفة وميراثها وانتقالها من الماضي إلى الحاضر إلى المستقبل إلاّ أنَّ الككلي قد صنع شيئاً جديداً في هذا الزمن .. ففي هذه القصة قال لنا أنه يستطيع أنْ يعود بالمستقبل والحاضر ويقدمه طبقاً عرفانياً وفياً لذاك الماضي الذي نظن أنه رحل .. الككلي تغذى على نصوص ماضية وقدّم لها حياته ليجّرها إلى هنا أو إلى الآن عبر تفكيكها وترجمتها إلى لغة الحاضر .. نصوص جميلة مجهولة منحها حياة جديدة واقتص لنفسه قليلاً من هذه الحياة ليعيش به الآن في زمنه الميت .
قصة ( غوث ) بسيطة من القصص التي يطلق عليها مصطلح مباشرة وتقريرية .. يكتبها أي كاتب ولو مبتدئ .. جمل عادية .. صور عادية .. حبكة عادية .. تحكي القصة عن كاتب مرتبة يتأخر .. وغير متصالح مع خطاب الدولة كي تغدق عليه بخيرها .. ماذا يفعل ؟ .
لم يخرج من فن القصة .. ذهب إلى قصص زملائه الكتاب في اللغات الأخرى .. انتقى منها ما أعجبه وواكب ذائقته ومزاجه .. ترجم هذه القصص بحب ونشرها في جرائد ومجلات تدفع مقابل مادي مكنه أن يعيش بكرامة .. كتب القصة وهو يتهكم خائفاً من توجيه تهمة التعامل مع دول أجنبية .. فقال أنه تعامل مع بلدان وليس دولاً.. فكرة القصة رائعة .. كُتاب يطعمون بنصوصهم كتاباً آخرين لا يعرفونهم مباشرة .. نصوص تتبادل المصالح .. الكتّاب الذين ترجم لهم الككلي من دول وأعراق كثيرة .. منهم الراحلون ومنهم الباقون أحياء حتى الآن .. الخلاصة أنَّ الككلي عاش والقصص التي ترجمها عاشت مجدداًً في لغة جديدة .. أي أن الحبر خاصة إن كان بطعم الحنظل ولونه لا يموت .. ولحظة الإبداع التي أنتجت تلك القصص لم تنته بعد .. حجر صغير رماه مبدع الماضي في بحيرة فأحدث دوائر تبتعد عن النواة وتمتد إلى ما لا نهاية .
هذه الما لا نهاية التقطها الككلي قائلاً لنا أنَّ الأدب الحقيقي كنز لا تمسكه الأيدي ولا تنقفل عليه الخزائن .. ولا أقصد بالحقيقي مفهوم الصدق والكذب .. أو الأصيل والمزيف .. أقصد الأدب الذي دمّه خفيف والذي لا تمل من قراءته والتمعن فيه والزاخر بطعم لاذع ليس بالضرورة أن يكون طعما لسانيا .
الكُتاب الذين ترجم عنهم الككلي قصصهم من جنسيات مختلفة .. ومن ألوان مختلفة .. ومن أديان مختلفة .. ومن أماكن مختلفة ..
الككلي تناول طعام حياته في طبق مزدان بلزاجة الزمن به رقصات الزمن وغنائه ورقصه .. به موته وحياته .. به الفصول الأربعة والأزمان كلها .. به الزلازل والبراكين والجليد والسافانا .. به الاستعمار والتطرف والتحرر .. به الإيمان والكفر .. كل قصة ترجمها وأنفق أجرها أسبغت عليه حياة جديدة ونكهة جديدة .. الآن الككلي مخلوق عالمي .. ساهم الأدب العالمي في استمرارية حياته وحياة أسرته .. أدب الماضي والحالي الذي ترجمه هو ضمان اجتماعي لا يؤخر صرف المرتبات عن مواعيدها .. بل دفع له هذا الضمان بسخاء ..دفع له مالاً ومتعة وحياة وخلودا .. كل القصص التي ترجمها الككلي عاشت مجدداً ولن تنسى صنيع هذا الككلي فكلما قرأها قارئ ستقول له أشكر عمّك عمر .. لولا عمر ما كنت بين يديك الآن أنفعك وستتناسل القراءات وستتحول هذه القصص إلى مشاريع ثقافية كبيرة تغطي غبار الإنسانية بالورود .
هو خدم نفسه وخدم الكُتـّاب وخدم القارئ وخدم العالم من دون أن يلبس لباس الخدم أو قفازات القمّامين .. خدم الجميع عارياً .. لا يرتدي شيئاً .. حتى الصدق خلعه ورماه ليتقلب في مغاسل الشفافية .. دفن نفسه في قبر الورق أياماً وأياما حتى تمَّ البعث والنشر واستلام المردود المادي والمعنوي والإبداعي .
العولمة التي تصدّع رؤوسنا في المحافل الثقافية والاقتصادية اكتشفها الككلي عبر ترجمة هذه النصوص .. قدمها لنا بصورة مذهلة .. لن نقول إنها عولمة ثقافية لأنه قاص .. لكنها عولمة إنسانية .. فقير ذهب إلى الماضي .. أحضر منه قوته .. إه يطعن الواقع بمسمار من الحنظل .. لأن الواقع حلاوته زائدة عن الحد أو فوق الحد .. حتى إن الذباب يطن ويزن ويوسخ هذا الواقع من دون هوادة .. لو وجد الككلي أنَّ الزان والطنان نحل أو نمل لما قام بفعلته النجلاء هذه .. ففي هذه القصة غوث .. أبدع لنا جرحاً سيجلب الذباب ليقف عليه وينهشه والجرح الذي يجلب الذباب هو جرح حي بعكس الجرح المهمل الذي لا يغري فضول أحد .
عمر الككلي لم يفعل شيئاً جلس ليكتب فتمرد قلمه عليه وجعله يتأدلج بطريقة أخرى ليس بها حليب وبسكويت وقطع خبز .. جعله أي قلمه يلج العالم من أبواب المعرفة .. والكتب .. وعودة الككلي للتعاطي مع الكتب دعوة جديدة في أعماقه لمراجعة ما اعتنق من رؤى .. فألف ليلة وليلة وأبن رشد وبابل .. والدون كيخوت .. هي كتب ومدونات تدعو إلى مزيد من التوغل والغوص الأركولوجي المتين .
قصة غوث من القصص العالمية وسيكون لها مكانها اللائق والمضيء في المكتبة العالمية .. وإنني فخور بهذا الأديب مبدع القصة عمر الككلي لأنه صديقي و من هنا .. هنا لا أعني بها ليبيا .. أعني بها شيئاًُ آخرا .. ستجدونه في الغوث .. فاكتشفوه ومن يكتشفه سأمنحه قبلة يختار مكانها .. وشكراً مقدماً أيتها القارئات .. وغيثوها يا عقّـالها ..... وجيبو اللي في بالها .
كتب للمؤلف:*- إلغاء الهوامش وانتفاء الأفعال- صناعة محلية.. الدار الجماهيرية – ليبياتاريخ الطبع: 2000-2001
*- عوالم عمر أبو القاسم الككلي القصصيّةالدار الجماهيرية – ليبياتاريخ الطبع: 2000-2001
*- الشيء الذي ينأىمجلس الثقافة طرابلس- ليبيا- 1972
*- منابت الحنظلمجلس الثقافة والعلومطرابلس- ليبيا- 2006